الخارج أمر آخر وقد كثر في القرآن الحكم أو الوعد والوعيد للجماعة ومصداقه بحسب شأن النزول واحد كقوله تعالى الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم الآية: المجادلة - 2 وقوله تعالى والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا: المجادلة - 3 و قوله تعالى لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء: آل عمران - 181 وقوله تعالى ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو: البقرة - 219 إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي وردت بلفظ الجمع ومصداقها بحسب شأن النزول مفرد.
قوله تعالى ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين الابتهال من البهلة بالفتح والضم وهي اللعنة هذا أصله ثم كثر استعماله في الدعاء والمسألة إذا كان مع إصرار وإلحاح.
وقوله فنجعل لعنة الله كالبيان للابتهال وقد قيل فنجعل ولم يقل فنسأل إشارة إلى كونها دعوة غير مردودة حيث يمتاز بها الحق من الباطل على طريق التوقف والابتناء.
وقوله الكاذبين مسوق سوق العهد دون الاستغراق أو الجنس إذ ليس المراد جعل اللعنة على كل كاذب أو على جنس الكاذب بل على الكاذبين الواقعين في أحد طرفي المحاجة الواقعة بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبين النصارى حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لا إله غيره وإن عيسى عبده ورسوله وقالوا إن عيسى هو الله أو إنه ابن الله - أو إن الله ثالث ثلاثة.
وعلى هذا فمن الواضح أن لو كانت الدعوى والمباهلة عليها بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين النصارى أعني كون أحد الطرفين مفردا والطرف الآخر جمعا كان من الواجب التعبير عنه بلفظ يقبل الانطباق على المفرد والجمع معا كقولنا فنجعل لعنة الله على من كان كاذبا فالكلام يدل على تحقق كاذبين بوصف الجمع في أحد طرفي المحاجة والمباهلة على أي حال إما في جانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإما في جانب النصارى وهذا يعطى أن يكون الحاضرون للمباهلة شركاء في الدعوى فإن الكذب لا يكون إلا في دعوى فلمن حضر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم على وفاطمة والحسنان عليهم السلام شركة في الدعوى والدعوة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا من أفضل المناقب التي خص الله به أهل