وفيه أيضا عن أبي بصير عنه (ع) قال: كان علي محدثا وكان سلمان محدثا قال قلت فما آية المحدث؟ قال: يأتيه الملك فينكت في قلبه كيت وكيت.
وفيه عن حمران بن أعين قال: أخبرني أبو جعفر عليهما السلام أن عليا كان محدثا فقال أصحابنا ما صنعت شيئا إلا سألته من يحدثه؟ فقضي أني لقيت أبا جعفر فقلت ألست أخبرتني أن عليا كان محدثا؟ قال بلى قلت من كان يحدثه؟
قال ملك قلت فأقول إنه نبي أو رسول؟ قال لا بل قل مثله مثل صاحب سليمان وصاحب موسى ومثله مثل ذي القرنين أما سمعت أن عليا سئل عن ذي القرنين أنبيا كان؟ قال لا ولكن كان عبدا أحب الله فأحبه - وناصح الله فنصحه فهذا مثله.
أقول والروايات في معنى المحدث عن أئمة أهل البيت كثيرة جدا رواها في البصائر والكافي والكنز والاختصاص وغيرها ويوجد في روايات أهل السنة أيضا.
وأما الفرق الوارد في الأخبار المذكورة بين النبي والرسول والمحدث فقد مر الكلام في الفرق بين الرسول والنبي وأن الوحي بمعنى تكليم الله سبحانه لعبده فهو يوجب العلم اليقيني بنفس ذاته من غير حاجة إلى حجة فمثله في الالقاءات الإلهية مثل العلوم البديهية التي لا تحتاج في حصولها للانسان إلى سبب تصديقي كالقياس ونحوه.
وأما المنام فالروايات كما ترى تفسره بمعنى غير المعنى المعهود منه أعني الرؤيا يراها الانسان في النوم العادي العارض له في يومه وليلته بل هو حال يشبه الاغماء تسكن فيه حواس الانسان النبي فيشاهد عند ذلك نظير ما نشاهده في اليقظة ثم يسدده الله سبحانه بإفاضته على نفسه اليقين بأنه من جانب الله سبحانه لا من تصرف الشيطان.
وأما التحديث فهو سماع صوت الملك غير أنه بسمع القلب دون سمع الحس وليس من قبيل الخطور الذهني الذي لا يسمى سمع صوت إلا بنحو من المجاز البعيد ولذلك ترى أن الروايات تجمع فيه بين سماع الصوت والنكت في القلب وتسميه مع ذلك تحديثا وتكليما فالمحدث يسمع صوت الملك في تحديثه ويعيه بسمعه نظير