معنى الكلام فالاصطفاء على العالمين نوع اختيار وتقديم لهم عليهم في أمر أو أمور لا يشاركهم فيه أو فيها غيرهم.
ومن الدليل على ما ذكرناه من اختلاف الاصطفاء قوله تعالى وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين: آل عمران - 42 حيث فرق بين الاصطفائين فالاصطفاء غير الاصطفاء.
وقد ذكر سبحانه في هؤلاء المصطفين آدم ونوحا فأما آدم فقد اصطفى على العالمين بأنه أول خليفة من هذا النوع الانساني جعله الله في الأرض قال تعالى وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة: البقرة - 30 وأول من فتح به باب التوبة قال تعالى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى: طه - 122 وأول من شرع له الدين قال تعالى فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى الآيات: طه - 123 فهذه أمور لا يشاركه فيها غيره ويا لها من منقبة له عليه السلام.
وأما نوح فهو أول الخمسة أولى العزم صاحب الكتاب والشريعة كما مر بيانه في تفسير قوله تعالى كان الناس أمه واحدة فبعث الله النبيين: البقرة - 213 وهو الأب الثاني لهذا النوع وقد سلم الله تعالى عليه في العالمين قال تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين: الصافات - 79.
ثم ذكر سبحانه آل إبراهيم وآل عمران من هؤلاء المصطفين والآل خاصة الشئ قال الراغب في المفردات الآل قيل مقلوب عن الاهل ويصغر على أهيل إلا أنه خص بالإضافة إلى أعلام الناطقين دون النكرات ودون الأزمنة والأمكنة يقال آل فلان ولا يقال آل رجل وآل زمان كذا أو موضع كذا ولا يقال آل الخياط بل يضاف إلى الأشرف الأفضل يقال آل الله وآل السلطان والاهل يضاف إلى الكل يقال أهل الله وأهل الخياط كما يقال أهل زمن كذا وبلد كذا وقيل هو في الأصل اسم الشخص ويصغر أويلا ويستعمل فيمن يختص بالانسان اختصاصا ذاتيا إما بقرابة قريبة أو بموالاة انتهى موضع الحاجة فالمراد بآل إبراهيم وآل عمران خاصتهما من أهلهما والملحقين بهما على ما عرفت.
فأما آل إبراهيم فظاهر لفظه أنهم الطيبون من ذريته كإسحاق وإسرائيل