بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا: هود - 88 والمراد به النبوة والعلم إلى غير ذلك من الآيات.
والمتحصل من قوله تعالى إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " الذاريات - 58 والمقام مقام الحصر اولا أن الرزق بحسب الحقيقة لا ينتسب إلا إليه فما ينسب إلى غيره تعالى من الرزق كما يصدقه أمثال قوله تعالى والله خير الرازقين:
الجمعة - 11 حيث أثبت رازقين وعده تعالى خيرهم وقوله وارزقوهم فيها واكسوهم: النساء - 5 كل ذلك من قبيل النسبة بالغير كما أن الملك والعزة لله تعالى لذاته ولغيره بإعطائه وإذنه فهو الرزاق لا غير.
وثانيا أن ما ينتفع به الخلق في وجودهم مما ينالونه من خير فهو رزقهم والله رازقه ويدل على ذلك مضافا إلى آيات الرزق على كثرتها آيات كثيرة أخر كالآيات الدالة على أن الخلق والامر والحكم والملك بكسر الميم والمشية والتدبير والخير لله محضا عز سلطانه.
وثالثا أن ما ينتفع به الانسان انتفاعا محرما لكونه سببا للمعصية لا ينسب إليه تعالى لأنه تعالى نفي نسبة المعصية إلى نفسه من جهة التشريع قال تعالى قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون: الأعراف - 28 وقال تعالى إن الله يأمر بالعدل والاحسان إلى أن قال وينهي عن الفحشاء والمنكر: النحل - 90 وحاشاه سبحانه أن ينهي عن شئ ثم يأمر به أو ينهي عنه ثم يحصر رزقه فيه.
ولا منافاة بين عدم كون نفع محرم رزقا بحسب التشريع وكونه رزقا بحسب التكوين إذ لا تكليف في التكوين حتى يستتبع ذلك قبحا وما بينه القرآن من عموم الرزق إنما هو بحسب حال التكوين وليس البيان الإلهي بموقوف على الافهام الساذجة العامية حتى يضرب صفحا عن التعرض للمعارف الحقيقية وفي القرآن شفاء لجميع القلوب لا يستضر به إلا الخاسرون قال تعالى وننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا " الاسراء - 82.
على أن الآيات تنسب الملك الذي لأمثال نمرود وفرعون والأموال والزخارف التي بيد أمثال قارون إلى إيتاء الله سبحانه فليس إلا أن ذلك كله بإذن الله آتاهم