التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٣٤
* (فاضرب به ولا تحنث) *: وذلك أنه حلف أن يضرب زوجته في أمر ثم ندم عليه فحل الله يمينه بذلك، وهي رخصة باقية في الحدود كما ورد عنهم (عليهم السلام).
* (إنا وجدناه صابرا) *: فيما أصابه في النفس والأهل والمال.
* (نعم العبد) *: أيوب.
* (إنه أواب) *: مقبل بشراشره (1) على الله، وفي العلل: عن الصادق (عليه السلام) قال: إنما كانت بلية أيوب (عليه السلام) التي ابتلى بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يحجب دون العرش فلما صعد عمل أيوب (عليه السلام) بأداء شكر النعمة حسده إبليس فقال: يا رب إن أيوب (عليه السلام) لم يؤد شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدى إليك شكر نعمة، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة (2)، فقال: قد سلطتك على دنياه فلم يدع له دنيا ولا ولدا إلا أهلك كل ذلك، وهو يحمد الله عز وجل، ثم رجع إليه فقال: يا رب أن أيوب يعلم إنك سترد إليه دنياه التي أخذتها منه، فسلطني على بدنه حتى تعلم أنه لا يؤدي شكر نعمة، قال الله عز وجل: قد سلطتك على بدنه ما عدا عينيه، وقلبه، ولسانه، وسمعه، قال: فانقض (3) مبادرا خشية أن تدركه رحمة الله عز وجل فتحول بينه وبينه فنفخ في منخريه من نار السوم فصار جسده نقطا نقطا (4).
وعن الكاظم (عليه السلام) مثله، وزاد: فلما اشتد به البلاء، وكان في آخر بليته جاءه أصحابه فقالوا: يا أيوب ما نعلم أحدا ابتلي بمثل هذه البلية، إلا لسريرة شر فلعلك أسررت سوءا في الذي تبدي لنا؟ قال: فعند ذلك ناجى أيوب ربه عز وجل، فقال: رب ابتليتني بهذه البلية وأنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط إلا التزمت أخشنهما على بدني، ولم آكل أكلة قط إلا وعلى خواني يتيم، فلو أن لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجتي، قال: فعرضت له سحابة فنطق فيها ناطق، فقال: يا أيوب أدل بحجتك، قال: فشد عليه ميزره، وجثا على ركبتيه فقال:

١ - الشراشر: النفس، والأثقال، والمحبة، وجميع الجسد. القاموس المحيط: ج ٢، ص ٥٧، مادة " شرر ".
٢ - وفي نسخة: [النعمة].
٣ - انقض الطائر: إذا هوى في طيرانه، ومنه انقضاض الكوكب. مجمع البحرين: ج ٤، ص 228، مادة " قضض ".
4 - علل الشرائع: ص 75، ح 1، باب 65 - العلة التي من اجلها ابتلي أيوب النبي (عليه السلام).
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»