واذكر عبدنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولى الأيدي والأبصر 45 الطعام، وكانت حسنة الذوائب، فقالوا لها: تبيعينا ذوائبك هذه حتى نعطيك؟ فقطعتها ودفعتها إليهم وأخذت منهم طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب وحلف عليها أن يضربها مائة فأخبرته أنه كان سببه كيت وكيت، فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى الله عز وجل إليه " خذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث "، فأخذ عذقا مشتملا على مائة شمراخ (1) فضربها ضربة واحدة فخرج عن يمينه (2)، قال: فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء، ورد عليه أهله الذين ماتوا بعد ما أصابهم البلاء كلهم أحياهم الله له فعاشوا معه، وسئل أيوب (عليه السلام) بعد ما عافاه الله، أي شئ كان أشد عليك مما مر عليك؟ فقال: شماتة الأعداء، قال: فأمطر الله عليه في داره جرادة الذهب (3)، وكان يجمعه فكان إذا ذهبت الريح منه بشئ عدا خلفه فرده، فقال له جبرئيل (عليه السلام): أما تشبع يا أيوب؟ قال: ومن يشبع من رزق ربه عز وجل (4).
أقول: لعل المراد ببدنه الذي قيل في الرواية الأولى: أنه لم تنتن رائحته، ولم يتدود بدنه الأصلي الذي يرفع من الأنبياء والأوصياء إلى السماء الذي خلق من طينة خلقت منها أرواح المؤمنين، وببدنه الذي قيل: في هذه الرواية أنه أنتن وتدود: بدنه العنصري الذي هو كالغلاف لذلك ولا مبالاة للخواص، فلا تنافي بين الروايتين.
* (واذكر عبدنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولى الأيدي والأبصر) *:
القمي: عن الباقر (عليه السلام) قال: أولو القوة في العبادة والبصر فيها (5).