المكرمين عليه، وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره، لجهلهم بماله عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرج، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): أعظم الناس بلاءا الأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأمثل فالأمثل، وإنما ابتلاه الله عز وجل بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس لئلا يدعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله تعالى ذكره أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ليستدلوا بذلك، على أن الثواب من الله تعالى ذكره على ضربين استحقاق واختصاص، ولئلا يحقروا ضعيفا لضعفه، ولا فقيرا لفقره، ولا مريضا لمرضه، وليعلموا أنه يسقم من يشاء، ويشفى من يشاء، متى شاء كيف شاء، بأي شئ شاء، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء، وشقاوة لمن يشاء، وسعادة لمن يشاء، وهو عز وجل في جميع ذلك عدل في قضائه وحكيم في أفعاله لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم، ولا قوة إلا بالله (1).
والقمي: عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن بلية أيوب التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة كانت؟ قال: لنعمة أنعم الله عز وجل عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس عن دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب (عليه السلام) حسده إبليس، فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبدا، فقيل له:
قد سلطتك على ما له وولده، قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، قال: فسلطني على زرعه، قال: قد فعلت فجمع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب فسلطني على غنمه، فسلطه على غنمه فأهلكها، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقى في ذلك دهرا طويلا يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود فكانت تخرج من بدنه فيردها فيقول لها:
ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجه أهل القرية من القرية، وألقوه في المزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم