ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكرا الله فغضب وامر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى عليه السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما فدخل شمعون البلدة منكرا فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه ورضي عشرته وأنس به وأكرمه ثم قال له ذات يوم أيها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما قال الملك حال الغضب بيني وبين ذلك قال فان رأى الملك دعاهما حتى يتطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون من أرسلكما إلى ههنا قالا الله الذي خلق كل شئ لا شريك له قال وما اتاكما قالا ما تتمناه فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه فصارا مقلتين (1) يبصر بهما فتعجب الملك فقال شمعون للملك ليس لي عنك سر ان إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع ثم قال الملك للرسولين ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما قالا إلهنا قادر على كل شئ فقال الملك ان هيهنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح فجعلا يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا فقام الميت وقال لهم اني قد مت منذ سبعة أيام وأدخلت في سبعة أودية من النار وانا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله فتعجب الملك فلما علم شمعون ان قوله اثر في الملك دعاه إلى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم وكفر آخرون وقد روى مثل ذلك العياشي بأسناده عن الثمالي وغيره عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام الا ان في بعض الروايات بعث الله الرسولين إلى أنطاكية ثم بعث الثالث وفي بعضها ان عيسى عليه السلام أوحى الله إليه ان يبعثهما ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما وان الميت الذي أحياه الله بدعائهما كان ابن الملك وانه قد خرج من قبره ينفض التراب من رأسه فقال له يا بني ما حالك قال كنت ميتا فرأيت رجلين
(٢٤٩)