ومن تختر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة فعجبت الملائكة من حسن منطقة فنام نومة فاعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يوازر داود (عليه السلام) بحكمته فقال له داود طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى والقمي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل فقال اما والله ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال ولكنه كان رجلا قويا في امر الله متورعا في الله ساكتا سكيتا عميق النظر طويل الفكر حديد النظر مستغن بالعبر لم ينم نهارا قط ولم يتك في مجلس قط ولم يتفل في مجلس قط ولم يعبث بشئ قط ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وعموق نظره وتحفظه في امره ولم يضحك من شئ قط مخافة الاثم في دينه ولم يغضب قط ولم يمازح انسانا قط ولم يفرح بشئ بما أوتيه من الدنيا ان اتاه من امر الدنيا ولا حزن منها على شئ قط وقد نكح من النساء وولد له الأولاد الكثيرة وقدم أكثرهم افراطا فما بكى على موت أحد منهم ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان الا أصلح بينهما ولم يمض عنهما حتى تحابا ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه الا سأله عن تفسيره وعمن اخذه فكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء وكان يغشي القضاة والملوك والسلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به ويرحم الملوك والسلاطين لعزتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان وكان يداوي قلبه بالتفكر ويداوي نفسه بالعبر وكان لا يظعن الا فيما ينفعه ولا ينظر الا فيما يعنيه فبذلك أوتي الحكمة ومنح العصمة وان الله تبارك وتعالى امر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا يا لقمان هل لك ان يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس فقال لقمان ان امرني ربي بذلك فالسمع والطاعة لأنه ان فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني وان هو خيرني قبلت العافية فقالت الملائكة يا لقمان لم قلت ذلك قال لأن الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين وأكثر فتنا وبلاء ما يخذل ولا يعان ويغشاه الظلم من كل مكان
(١٤٢)