التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٨٠
بجماعة منهم يقولون: إذا دنا موته وفنيت أيامه وحضر أجله، أراد أن يولينا عليا من بعده، أما والله ليعلمن، قال: فمضى المقداد وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: الصلاة جامعة.
قال: فقالوا: قد رمانا المقداد، فقوموا نحلف عليه، قال: فجاؤوا حتى جثوا (1) بين يديه، فقالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، والذي بعثك بالحق والذي أكرمك بالنبوة، ما قلنا ما بلغك، والذي اصطفاك على البشر. قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بسم الله الرحمان الرحيم يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بك يا محمد ليلة العقبة) (2).
وفي رواية: (لما أقام عليا يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين: وهم أبو بكر وعمر وعبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة. قال عمر: أما ترون عينيه كأنهما عينا مجنون - يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الساعة يقوم ويقول: قال لي ربي. قال فنزل جبرئيل وأعلمه بمقالة القوم، فدعاهم وسألهم فأنكروا وحلفوا، فأنزل الله (يحلفون بالله ما قالوا) (3).
(وما نقموا): وما أنكروا وما عابوا (إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله).
قال: (كان أحدهم يبيع الرؤوس، وآخر يبيع الكراع (4) ويفتل القرامل (5)، فأغناهم الله برسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم جعلوا حدهم وحديدهم عليه) (6). والمعنى: أنهم جعلوا موضع شكر النعمة كفرانها، وكان الواجب عليهم أن يقابلوها بالشكر. (فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا) بالاصرار على النفاق (يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة) بالقتل

(١): جث: فزع. القاموس المحيط ١: ١٦٩، وأقرب الموارد ٢: ٨٤ (جث).
(٢): العياشي ٢: ٩٩، الحديث: ٩٠، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٣): القمي ١: ٣٠١، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٤): الكراع من البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس وهو مستدق الساق. وهو اسم يجمع الخيل.
القاموس المحيط ٣: ٨١ (كرع).
(٥): القرامل: صغائر من شعر أو صوف أو إبريسم، تصل به المرأة شعرها. النهاية 4: 51 (قرمل).
(6): العياشي 2: 100، ذيل الحديث: 90، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»
الفهرست