التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٤٧٠
(لقد ابتغوا الفتنة): تشتيت شملك وتفريق أصحابك (من قبل) يعني يوم أحد، أو وقوفهم على الثنية (1) ليلة العقبة ليفتكوا به (2). (وقلبوا لك الأمور): دبروا لك الحيل والمكائد، واحتالوا في أبطال أمرك (حتى جاء الحق) وهو تأييدك ونصرك (وظهر أمر الله): وغلب دينه وعلا أهله (وهم كارهون) أي: على رغم منهم.
والآيتان لتسلية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على تخلفهم، وبيان ما ثبطهم الله لأجله، وهتك أستارهم، وإزاحة اعتذارهم، تداركا لما فات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالمبادرة إلى الاذن.
(ومنهم من يقول ائذن لي) في القعود (ولا تفتني): ولا توقعني في الفتنة، أي: العصيان والمخالفة، بأن لا تأذن لي، فإني إن تخلفت بغير إذنك أثمت، أو في الفتنة بنساء الروم، كما يأتي ذكره. (ألا في الفتنة سقطوا) أي: إن الفتنة هي التي سقطوا فيها، وهي فتنة التخلف وظهور النفاق (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) أي:
بهم، لان آثار إحاطتها بهم معهم، فكأنهم في وسطها.
القمي: لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الجد بن قيس) فقال له: يا أبا وهب! ألا تنفر معنا في هذا الغزوة؟ لعلك أن تحتفد (3) من بنات الأصفر (4). فقال: يا رسول الله، والله، إن قومي ليعلمون أنه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء مني، وأخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر، فلا تفتني وائذن لي أن أقيم، وقال لجماعة من قومه:
لا تخرجوا في الحر، فقال ابنه: ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقول ما تقول، ثم تقول لقومك: لا تنفروا في الحر! والله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرأه الناس إلى يوم القيامة،

(١): الثنية: العقبة أو طريقها، أو الجبل، أو الطريقة فيه أو إليه. القاموس المحيط ٤: ٣١١ (ثنى).
(٢): عن سعيد بن جبير: وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك على الثنية ليلة العقبة ليفتكوا به وهم إثنا عشر رجلا. راجع: جوامع الجامع ٢: ٥٩.
(٣): في المصدر: (أن تستحفد) والاستحفاد: الاستخدام.
(٤): يعني به الروم، لان أباهم الأول كان أصفر اللون وهو روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم. النهاية 3: 37 (صفر).
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»
الفهرست