تحقيقا لمعنى ما يستوي فيه.
ففي الآية دلالة على نفي المكان عنه سبحانه، خلاف ما يفهمه الجمهور منها. وفيها إشارة إلى معيته القيومية، واتصاله المعنوي بكل شئ على السواء، على الوجه الذي لا ينافي أحديته وقدس جلاله، وإلى إفاضة رحمته العامة على الجميع على نسبة واحدة، وإحاطة علمه بالكل بنحو واحد، وقربه من كل شئ على نهج سواء. وأما اختلاف المقربين كالأنبياء والأولياء مع المبعدين كالشياطين والكفار في القرب والبعد، فليس ذلك من قبله سبحانه، بل من جهة تفاوت أرواحهم في ذواتها.
(يغشي الليل النهار): يغطيه به (يطلبه حثيثا): يعقبه سريعا كالطالب له، لا يفصل بينهما شئ. (والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق):
عالم الأجسام (والامر): عالم الأرواح (تبارك الله رب العالمين): تعالى بالوحدانية في الألوهية وتعظم بالفردانية في الربوبية.
(ادعوا ربكم تضرعا وخفية) فإن الاخفاء أقرب إلى الاخلاص (إنه لا يحب المعتدين): المجاوزين ما أمروا به في الدعا وغيره. ورد: " إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في غزاة، فأشرف على واد فجعل الناس يهللون ويكبرون ويرفعون أصواتهم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا أيها الناس اربعوا (1) على أنفسكم أما إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، إنه معكم " (2). وعن الصادق عليه السلام في هذه الآية: " الاعتداء من صفة قراء زماننا هذا وعلامتهم " (3).
(ولا تفسدوا في الأرض) بالكفر والمعاصي (بعد إصلاحها) ببعث الأنبياء وشرع الاحكام. قال " إن الأرض كانت فاسدة فأصلحها الله عزو جل بنبيه، فقال: " ولا