التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
بطل فلم ينفعهم.
(إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام). قال: " ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق، ولكنه جعل الأناة (1) والمداراة مثالا لأمنائه، وإيجابا للحجة على خلقه " (2). وفي رواية: " كان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين، ولكنه عز وجل خلقها في ستة أيام، ليظهر على الملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شئ، فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى مرة بعد مرة " (3).
(ثم استوى على العرش) قال: " يعني استوى تدبيره وعلا أمره " (4). وفي رواية:
" استولى على ما دق وجل " (5). وفي أخرى: " استوى على كل شئ فليس شئ أقرب إليه " (6). وفي أخرى: " استوى من كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ " (7). وفي أخرى: " استوى في كل شئ فليس شئ أقرب إليه من شئ، لم يبعد منه بعيد، ولم يقرب منه قريب " (8).
أقول: المستفاد من هذه الروايات، أن المراد بالعرش، مجموع الأشياء، كما ورد في أخبار أخر أيضا، ومن الثلاث الأخيرة بألفاظها، أن المراد بالاستواء، استواء النسبة، وضمن الاستواء ما يتعدى ب‍ " على " تارة، كالاستيلاء والاشراف ونحوهما، لموافقة لفظ القرآن. فيصير المعنى: استوى نسبته إلى كل شئ حال كونه مستوليا على الكل، وأتى بلفظة " من " تارة، تحقيقا لمعنى الاستواء في القرب والبعد، وبلفظة " في " تارة،

(١) الأناة كقناة -: الرفق. مجمع البحرين ١: ٣٦٠ (أنا).
الاحتجاج ١: ٣٧٩، عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(٣) التوحيد: ٣٢٠، الباب: ٤٩، الحديث: ٢، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
(٤) الاحتجاج ١: ٣٧٣، عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(٥) المصدر ٢: ١٥٧، عن أبي الحسن عليه السلام.
(٦) الكافي ١: ١٢٧، الحديث: ٦، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٧) التوحيد: ٣١٥، الباب: ٤٨، الحديث: ٢، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٨) الكافي ١: ١٢٨، الحديث: 8، عن أبي عبد الله عليه السلام.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست