التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٢٥٤
(يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فامنوا خير لكم): يكن الايمان خيرا لكم (وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما).
(يأهل الكتب لا تغلوا في دينكم). غلت اليهود في حط عيسى، حتى رموه بأنه ولد لغير رشدة (1)، والنصارى في رفعه، حتى اتخذوه إلها. (ولا تقولوا على الله إلا الحق) يعني: تنزيهه عن الشريك والصاحبة والولد (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقها إلى مريم وروح منه) قال: " روح مخلوقة خلقها الله في ادم وعيسى " (2). وفي رواية: " مخلوقان اختارهما (3) واصطفاهما " (4). - فامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة) الآلهة ثلاثة: لله، والمسيح، ومريم، كما يدل عليه قوله تعالى: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله " (5). (انتهوا) عن التثليث (خير لكم):
يكن الانتهاء خيرا (إنما الله إله وحد) وحدة حقيقية، لا يتطرق إليها نحو من أنحاء الكثرة والتعدد أصلا (سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات ما في الأرض وكفى بالله وكيلا). تنبيه على غناه عن الولد، فإن الحاجة إليه ليكون وكيلا لأبيه، والله سبحانه قائم بحفظ الأشياء، كاف في ذلك، مستغن عمن يخلفه أو يعينه.
(لن يستنكف المسيح): لن يأنف (أن يكون عبد الله) لان عبودية الله شرف يباهى به، وإنما المذلة في عبودية غيره. روي: " إن وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لم تعيب صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى، قال: وأي شئ أقول؟ قالوا: تقول: إنه عبد الله. قال: إنه ليس بعار أن يكون عبد لله. قالوا: بلى. فنزلت (6). (ولا الملائكة

١ - يقال: هذا ولد رشدة إذا كان لنكاح صحيح، كما يقال في ضده: ولد زنية. النهاية ٢: ٢٢٥ (رشد).
٢ - الكافي ١: ١٣٣، الحديث: 2، عن أبي عبد الله عليه السلام، وفيه: " هي روح الله مخلوقة... ".
3 - في " ب ": " خلقهما ".
4 - التوحيد: 172، الباب: 27، الحديث: 4، عن أبي جعفر عليه السلام.
5 - المائدة (5): 116.
6 - مجمع البيان 3 - 4: 146، والبيضاوي 2: 131.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست