التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٢٤٥
بكفرانكم وعصيانكم، كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم، وإنما وصاكم لرحمته لا لحاجته. (وكان الله غنيا) عن الخلق وعبادتهم (حميدا) في ذاته، حمد أولم يحمد.
(ولله ما في السماوات وما في الأرض) كل يدل بحاجته على غناه، وبما فاض عليه من الوجود والكمال على كونه حميدا (وكفى بالله وكيلا): حافظا للجميع، لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما.
(إن يشأ يذهبكم): يفنكم (أيها الناس ويأت بأخريين) مكانكم (وكان الله على ذلك قديرا). روي: " لما نزلت هذه الآي ة ضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده على ظهر سلمان - رضي الله عنه - وقال: هم، قوم هذا، يعني عجم الفرس " (1).
(من كان يريد ثواب الدنيا) كمن يجاهد للغنيمة (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) فليطلب الثوابين جميعا من عند الله تعالى، وما باله يكتفي بأخسهما ويدع أشرفهما، على أنه لو طلب الأشرف لم يخطئه الأخس. ورد: " من كانت الآخرة همته، كفاه الله همته (2) من الدنيا " (3). (وكان الله سميعا بصيرا) عالما بالاغراض، فيجازي كلا بنيته.
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط): مواظبين على العدل، مجتهدين في إقامته (شهداء لله) بالحق، تقيمون شهادتكم لوجه الله (ولو على أنفسكم):
ولو كانت الشهادة على أنفسكم بأن تقروا عليها (أو الولدين والأقربين إن يكن) المشهود عليه أو المشهود له (4) (غنيا أو فقيرا) فلا تمتنعوا عن إقامة الشهادة للغني على الفقير، لاستغناء المشهود له وفقر المشهود عليه، ولا عن إقامة الشهادة للفقير على

١ - مجمع البيان ٣ - ٤، والبيضاوي ٢: ١٢٢.
٢ - في " ب ": " همه ".
٣ - الخصال 1: 129، الباب: 3، الحديث: 133، عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفيه: " همه " في الموضعين.
4 - في " الف ": " المشهود أو المشهود عليه ".
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست