ويروى (فلا كعبا) والجنة البستان الذي يجنه الشجر فجنة الخلد بهذه الصفة على ما فيها من القصور والأبنية الحسنة التي قد جمعت كل تحفة وطرفة مما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، من غير أذى ملحق بحال في عاجل ولا آجل. وروي أن قصورها مبنية بفاخر الجوهر من الياقوت والزبرجد، ومنه ما هو بلبنة من فضة ولبنة من ذهب، فتعظيم الله لها وتشويقه إليها يدل على أنها على اجل حال تشتهي فيها مع أنه لا يتعاظم في مقدور الله - عز وجل -.
ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله، فقال (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) أي متى يكون قيامها على ما وصفها ف (أيان) بمعنى (متى) الا أن (متى) أكثر استعمالا في السؤال عن الزمان ونظيرها (أين) في السؤال عن المكان. ولذلك فسرت (أيان) ب (متى) والارساء الثبوت من قولهم: رست السفينة ترسو رسوا فهي راسية إذا ثبتت ومنه. قوله (أرساها) ويجوز أن يكون المراد بالمرسى المصدر.
ويجوز أن يكون وقت الارساء والمعنى متى ثبت أمرها بقيامها.
وقوله (فيم أنت من ذكراها) أي انه ليس عندك علم متى تكون، وإنما عندك علم أنها تكون - ذكره الحسن - وقال غيره: هي حكاية قولهم، أي قد أكثرت من ذكرها، فمتى تكون؟. وقوله (إلى ربك منتهاها) أي قل لهم إلى الله تعالى إجراؤها، فالمنتهى موضع بلوغ الشئ، وكأنه قيل: إلى ربك منتهى أمرها بإقامتها لان منتهى أمرها بذكرها ووصفها والاقرار بها إلى الرسول بإقامتها، ومنتهى أمرها اقامتها إلى الله تعالى لا يقدر عليه إلا الله تعالى. وقيل: المعنى إلى ربك منتهى علمها أي لا يعلم إلا هو متى وقت قيامها - ذكره الحسن - وقوله (إنما أنت منذر من يخشاها) خطاب من الله للنبي صلى الله عليه وآله بأنه إنما