الصحبة حتى قيل إنه لم يكن يصافح أحدا قط فينزع يده من يده، حتى يكون ذلك الذي ينزع يده من يده. فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه أعمى جاء يطلب الاسلام، على أن الأنبياء عليهم السلام منزهون عن مثل هذه الأخلاق وعما هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والاصغاء إل دعائهم، ولا يجوز مثل هذا على الأنبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.
وقال قوم: إن هذه الآيات نزلت في رجل من بني أمية كان واقفا مع النبي صلى الله عليه وآله، فلما اقبل ابن أم مكتوم تنفر منه، وجمع نفسه وعبس في وجهه وأعرض بوجهه عنه فحكى الله تعالى ذلك وانكره معاتبة على ذلك.
وقوله (وما يدريك) خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وتقديره (قل) يا محمد (وما يدريك لعله يزكى) وإنما أضاف العبوس إلى النبي صلى الله عليه وآله من أضاف (وما يدريك) أنه رآه متوجها إليه ظن أنه عتب له دون أن يكون متوجها إليه على أن يقول لمن فعل ذلك ويوبخه عليه. ومعنى قوله (يزكى) أي يتزكى بالعمل الصالح، فأدغم التاء في الزاي، كما أدغمت في الذال في قوله (يذكر) ومعناه يتذكر، ولا يجوز وإدغام الزاي في التاء، لأنها من حروف الصفير، وهي الصاد والسين والزاي.
وقوله (أو يذكر) معناه أو يتذكر ما أمره الله تعالى به، ويفكر فيما أمره بالفكر فيه. وقد حث الله تعالى على التذكير في غير موضع من القرآن فقال) وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين) (1) وقال (إنما يتذكر أولو الألباب) (2) وينبغي للانسان أن يستكثر من ذكر ما يدعو إلى الحق ويصرف عن الباطل.
ثم بين انه متى يذكر (فتنفعه الذكرى) أي الفكر فيما أمره الله به من