دار دحاها ثم أعمر بابها * واقام بالأخرى التي هي أمجد (1) وقال أوس بن حجر:
ينفي الحصا عن جديد الأرض مبترك * كأنه فاحص أو لاعب داح (2) وقوله (اخرج منها) يعني من الأرض (ماءها) يعني المياه التي تخرج من الأرض وفيها منافع جميع الحيوان، وبه قوام حياتهم كما قال (وجعلنا من الماء كل شئ حي) (3) (ومرعاها) أي واخرج المرعى من الأرض، وهو النبات الذي يصلح أن ترعاه الماشية، فهي ترعاه بأن تأكله في موضعه، رعت ترعى رعيا ومرعى، وسمي النبات الذي يصلح أن يرعى به.
وقوله (والجبال أرساها) أي وأثبت الجبال في الأرض. والارساء الاثبات بالثقل. فالسفينة ترسو أي تثبت بثقلها فلا تزول عن مكانها، وربما أرست بالبحر بما يطرح لها. فأما الجبال فإنها أوتاد الأرض، وأرسيت بثقلها، وفى جعلها على الصفة التي هي عليها أعظم العبرة.
وقوله (متاعا لكم ولأنعامكم) أي خلقنا ما ذكرناه من الأرض وما يخرج منها من المياه والمراعي نفعا ومتعة تنتفعون بها معاشر الناس وينتفع بها أنعامكم: الإبل والبقر والغنم، ففي الأشياء التي عددها أعظم دلالة وأوضح حجة على توحيد الله، لان الأرض مع ثقلها الذي من شأنه ان يذهب سفلا هي واقفة بامساك الله تعالى، وهي على الماء. ومن شأن الماء أن يجري في المنحدر، وهي وافقة بامساك الله تعالى فقد خرجت عن طبع الثقيل، وذلك لا يقدر عليه غير القادر لنفسه الذي يخترع