قولهم: قضبته وأقضبته قضبا إذا قطعته رطبا، ومنه القضيب والمقتضب. والزيتون معروف. وإنما ذكره الله تعالى لعظم النفع به والدهن الذي يكون منه (ونخلا) أي وأنبتنا من الأرض نخلا وهو شجر الرطب والتمر (وحدائق غلبا) فالحديقة البستان المحوط وجمعه حدائق، ومنه أحدق به القوم إذا أحاطوا به، ومنه الحدقة لما أحاط بها من جفنها. والغلب جمع أغلب وغلبا، وهي الغلاظ بعظم الأشجار، وشجرة غلباء إذا كانت غليظة قال الفرزدق:
عوى فأثار أغلب ضيغميا * فويل ابن المراغة ما استثارا (1) وقوله (وفاكهة وأبا) يعني ثمر الأشجار التي فيها النفع والالذاذ، يقال تفكه بكذا إذا استعمله للاستمتاع به والفاكهة تكون رطبة ويابسة. والأب المرعى من الحشيش وسائر النبات الذي ترعاه الانعام والدواب، ويقال أبا إلي سيفه فاستله كقولك هب إليه وبدر إليه، فيكون كبدور المرعى بالخروج قال الشاعر:
جدنا قيس ونجد دارنا * ولنا الأب بها والمكرع (2) وقوله (متاعا لكم ولانعامكم) فالمتاع كل شئ فيه الذاذ الامساس من مأكل أو منظر أو مشمم أو ملمس، وأصله المصدر من قولهم: أمتعته امتاعا ومتاعا ومتع النهار إذا ارتفع، لان ارتفاعه يستمتع به. فبين تعالى انه خلق ما خلق وأنبت ما انبت من الأرض لامتاع الخلق به من المكلفين وأنعامهم التي ينتفعون بها.
والانعام الماشية بنعمة المشي من الإبل والبقر والغنم بخلاف الحافر بشدة وطئه بحافره من الخيل والبغال والحمير.
قوله تعالى:
(فإذا جاءت الصاخة (33) يوم يفر المرء من أخيه (34)