(188) الأصل يا بن آدم، ما كسبت فوق قوتك، فأنت فيه خازن لغيرك.
الشرح:
أخذ هذا المعنى بعضهم، فقال:
ما لي أراك الدهر تجمع دائبا * البعل عرسك لا أبا لك تجمع!.
وعاد الحسن البصري عبد الله بن الأهتم في مرضه الذي مات فيه، فأقبل عبد الله يصرف بصره إلى صندوق في جانب البيت، ثم قال للحسن: يا أبا سعيد، فيه مائة الف لم يؤد منها زكاة، ولم توصل بها رحم، قال الحسن: ثكلتك أمك! فلم أعددتها؟
قال، لروعة الزمان، ومكاثرة الاخوان، وجفوه السلطان.
ثم مات، فحضر الحسن جنازته، فلما دفن صفق (1) بإحدى راحتيه الأخرى، وقال:
إن هذا تاه شيطانه، فحذره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة إخوانه، فيما استودعه الله إياه فادخره، ثم خرج منه كئيبا حزينا، لم يؤد زكاة، ولم يصل رحما.
ثم التفت فقال: أيها الوارث، كل هنيئا، فقد أتاك هذا المال حلالا، فلا يكن عليك وبالا، أتاك ممن كان له جموعا منوعا، يركب فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، من باطل جمعه، ومن حق منعه لم ينتفع به في حياته، وضره بعد وفاته، جمعه فأوعاه، وشده فأوكاه (2) إلى يوم القيامة، يوم ذي حسرات، وإن أعظم الحسرات أن ترى مالك في ميزان غيرك، بخلت بمال أوتيته من رزق الله إن تنفقه في طاعة الله، فخزنته لغيرك، فأنفقه في مرضاة ربه، يا لها حسرة لا تقال، ورحمة لا تنال! إنا لله وإنا إليه راجعون!