(234) الأصل:
إن قوما عبدوا الله رغبه فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار.
الشرح:
هذا مقام جليل تتقاصر عنه قوى أكثر البشر، وقد شرحناه فيما تقدم، وقلنا:
إن العبادة لرجاء الثواب تجارة ومعاوضة، وإن العبادة لخوف العقاب لمنزلة من يستجدي لسلطان قاهر يخاف سطوته.
وهذا معنى قوله: (عبادة العبيد)، أي خوف السوط والعصا، وتلك ليس عبادة نافعة، وهي كمن يعتذر إلى إنسان خوف أذاه ونقمته، لا لان ما يعتذر منه قبيح لا ينبغي له فعله، فأما العبادة لله تعالى شكرا لأنعمه فهي عبادة نافعة، لان العبادة شكر مخصوص، فإذا أوقعها على هذا الوجه فقد أوقعها الموقع الذي وضعت عليه.
فأما أصحابنا المتكلمون فيقولون: ينبغي أن يفعل الانسان الواجب لوجه وجوبه، ويترك القبيح لوجه قبحه، وربما قالوا: يفعل الواجب لأنه واجب، ويترك القبيح لأنه قبيح، والكلام في هذا الباب مشروح مبسوط (1) في الكتب الكلامية.