(306) الأصل:
وسئل عليه السلام كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم؟ فقال: كما يرزقهم على كثرتهم.
فقيل كيف يحاسبهم ولا يرونه! فقال: كما يرزقهم ولا يرونه.
الشرح:
هذا جواب صحيح، لأنه تعالى لا يرزقهم على الترتيب، أعني واحدا بعد واحد، وإنما يرزقهم جميعهم دفعة واحدة، وكذلك تكون محاسبتهم يوم القيامة.
والجواب الثاني صحيح أيضا، لأنه إذا صح أن يرزقنا ولا نرى الرازق، صح أن يحاسبنا ولا نرى المحاسب.
فإن قلت: فقد ورد إنهم يمكثون في الحساب ألف سنة، وقيل أكثر من ذلك، فكيف يجمع بين ما ورد في الخبر وبين قولكم: (إن حسابهم يكون ضربة واحدة)!
ولا ريب أن الاخبار تدل على أن الحساب يكون لواحد بعد واحد.
قلت: إن أخبار الآحاد لا يعمل عليها، لا سيما الأخبار الواردة في حديث الحساب والنار والجنة، فان المحدثين طعنوا في أكثرها، وقالوا: إنها موضوعة، وجملة الامر إنه ليس هناك تكليف، فيقال أن ترتيب المحاسبة في زمان طويل جدا يتضمن لطفا في التكليف فيفعله الباري تعالى لذلك، وإنما الغرض من المحاسبة صدق الوعد وما سبق من القول، والكتاب العزيز لم ينطق إلا بالمحاسبة مجملة، فوجب القول بالمتيقن المعلوم فيها ورفض ما لم يثبت.