(304) الأصل:
من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم، ولا يستطيع أن يتقى الله من خاصم.
الشرح:
هذا مثل قوله عليه السلام في موضع آخر: الغالب بالشر مغلوب.
وكان يقال ما تساب اثنان إلا غلب ألأمهما.
وقد نهى العلماء عن الجدل والخصومة في الكلام والفقه، وقالوا: إنهما مظنة المباهاة وطلب الرئاسة والغلبة، والمجادل يكره أن يقهره خصمه، فلا يستطيع أن يتقى الله.
وهذا هو كلام أمير المؤمنين عليه السلام بعينه.
وأما الخصومة في غير العلم كمنازعة الناس بعضهم بعضا في أمورهم الدنياوية، فقد جاء في ذمها والنهى عنها شئ كثير، وقد ذكرنا منه فيما تقدم قولا كافيا، على أن منهم من مدح الجهل والشر في موضعهما. وقال الأحنف: ما قل سفهاء قوم إلا ذلوا.
وقال بعض الحكماء: لا يخرجن أحد من بيته إلا وقد أخذ في حجزته قيراطين من جهل، فإن الجاهل لا يدفعه إلا الجهل. وقالوا: الجاهل من لا جاهل له.
وقال الشاعر:
إذا كنت بين الجهل والحلم قاعدا * وخيرت انى شئت فالعلم أفضل ولكن إذا أنصفت من ليس منصفا * ولم يرض منك الحلم فالجهل أمثل إذا جاءني من يطلب الجهل عامدا * فإني سأعطيه الذي هو سائل