شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٦٤
الإمامة هي نبوة مختصرة، وإن الطليق المعدود من المؤلفة قلوبهم المكذب بقلبه وإن أقر بلسانه، الناقص المنزلة عند المسلمين، القاعد في أخريات الصف، إذا دخل إلى مجلس فيه أهل السوابق من المهاجرين، كيف يخطر ببال أحد أنها تصير فيه ويملكها ويسمه الناس وسمها، ويكون للمؤمنين أميرا، ويصير هو الحاكم في رقاب أولئك العظماء من أهل الدين والفضل! وهذا أعجب من العجب، أن يجاهد النبي (صلى الله عليه وآله) قوما بسيفه ولسانه ثلاثا وعشرين سنة، ويلعنهم ويبعدهم عنه، وينزل القرآن بذمهم ولعنهم، والبراءة منهم، فلما تمهدت له الدولة، وغلب الدين على الدنيا، وصارت شريعة دينية محكمة، مات فشيد دينه الصالحون من أصحابه، وأوسعوا رقعة ملته، وعظم قدرها في النفوس، فتسلمها منهم أولئك الأعداء الذين جاهدهم النبي (صلى الله عليه وآله) فملكوها وحكموا فيها، وقتلوا الصلحاء والأبرار وأقارب نبيهم الذين يظهرون طاعته، وآلت تلك الحركة الأولى وذلك الاجتهاد السابق إلى أن كان ثمرته لهم، فليته كان يبعث فيرى معاوية الطليق وابنه، ومروان وابنه خلفاء في مقامه، يحكمون على المسلمين، فوضح أن معاوية فيما يراجعه ويكاتبه به، كصاحب الأحلام.
وأما تشبيهه إياه بالقائم مقاما قد بهظه، فلان الحجج والشبه والمعاذير التي يذكرها معاوية في كتبه أوهن من نسج العنكبوت، فهو حال ما يكتب كالقائم ذلك المقام يخبط خبط العشواء، ويكتب ما يعلم هو والعقلاء من الناس أنه سفه وباطل.
فإن قلت: فما معنى قوله (عليه السلام): " لولا بعض الاستبقاء وهل كانت الحال تقتضي أن يستبقى! وما تلك القوارع التي أشار إليها.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407