شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٦٣
وتأذن بفتح الذال، أي تسمع.
قوله (عليه السلام): " إني لموهن رأيي " بالتشديد، أي إني لائم نفسي، ومستضعف رأيي في أن جعلتك نظيرا، أكتب وتجيبني، وتكتب وأجيبك، وإنما كان ينبغي أن يكون جواب مثلك السكوت لهوانك.
* * * فإن قلت: فما معنى قوله: " على التردد؟ ".
قلت: أو ليس معناه التوقف، بل معناه الترداد والتكرار، أي أنا لائم نفسي على أنى أكرر تارة بعد تارة أجوبتك عما تكتبه.
* * * ثم قال: وإنك في مناظرتي ومقاومتي بالأمور التي تحاولها، والكتب التي تكتبها كالنائم يرى أحلاما كاذبة، أو كمن قام مقاما بين يدي سلطان، أو بين قوم عقلاء ليعتذر عن أمر، أو ليخطب بأمر في نفسه، قد بهظه مقامه ذلك، أي أثقله فهو لا يدرى: هل ينطق بكلام هو له، أم عليه! فيتحير ويتبلد، ويدركه العمى والحصر.
قال: وإن كنت لست بذلك الرجل فإنك شبيه به، أما تشبيهه بالنائم ثم ذي الأحلام، فإن معاوية لو رأى في المنام في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه خليفة يخاطب بإمرة المؤمنين، ويحارب عليا على الخلافة، ويقوم في المسلمين مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما طلب لذلك المنام تأويلا ولا تعبيرا، ولعده من وساوس الخيال وأضغاث الأحلام، وكيف وأنى له أن يخطر هذا بباله، وهو أبعد الخلق منه! وهذا كما يخطر للنفاط (1) أن يكون ملكا، ولا تنظرن إلى نسبه في المناقب بل انظر إلى أن

(١) النفاط: مستخرج النفط، وهو الزيت.
(٢) حاشية ب: " قوله ولا تنظرن في المناقب "، قال في القاموس، " النقاب، بالكسر: الرجل العلامة والبطن، ومنه: " فرخان في نقاب " يضر للمتشابهين، فعلى هذا يريد بالمناقبة المشابهة بالنسب.
يعنى أنى معاوية وإن كان في النسب له بعض المشابهة عليه السلام من حيث القرشية والقرابة ولكنه.
إذا نظرت إلى أن الإمامة هي نبوة مختصرة لا يصلح لها إلى من اجتمعت فيه فضائل من النبوة ومناقب تضارعها وسوابق تتلوها، وأما الطلقاء وأبناء الطلقاء فليس لهم أن يتعرضوا لان يكونوا من أداني موالي أربابها ".
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407