وكان عنبسة بن زياد أكولا نهما، فحدث رجل من ثقيف قال: دعاني عبيد الله الأحمر، فقلت لعنبسة: هل لك يا ذبحة - وكان هذا لقبه - في إتيان الأحمر! فمضينا إليه، فلما رآه عبيد الله رحب به وقال للخباز: ضع بين يدي هذا مثل ما تضع بين يدي أهل المائدة كلهم، فجعل يأتيه بقصعة وأهل المائدة بقصعة، وهو يأتي عليها، ثم أتاه بجدي فأكله كله، ونهض القوم فأكل كل ما تخلف على المائدة، وخرجنا فلقينا خلف ابن عبد الله القطامي، فقال له: يا خلف، أما تغديني يوما؟ فقلت لخلف: ويحك!
لا تجده مثل اليوم. فقال له: ما تشتهى؟ قال: تمرا وسمنا، فانطلق به إلى منزله فجاء بخمس جلال (1) تمرا وجرة سمنا، فأكل الجميع وخرج، فمر برجل يبنى داره ومعه مائة رجل، وقد قدم لهم سمنا وتمرا، فدعاه إلى الاكل معهم، فأكل حتى شكوه إلى صاحب الدار، ثم خرج فمر برجل بين يديه زنبيل فيه خبز أرز يابس بسمسم وهو يبيعه فجعل يساومه ويأكل حتى أتى على الزنبيل، فأعطيت صاحب الزنبيل ثمن خبزه.
وكان ميسرة الرأس أكولا، حكى عنه عند المهدى محمد بن المنصور أنه يأكل كثيرا، فاستدعاه وأحضر فيلا، وجعل يرمى لكل واحد منهما رغيفا حتى أكل كل واحد منهما تسعة وتسعين رغيفا، وامتنع الفيل من تمام المائة، وأكل ميسرة تمام المائة وزاد عليها.
وكان أبو الحسن العلاف والد أبى بكر بن العلاف الشاعر المحدث أكولا دخل يوما على الوزير أبى بكر محمد المهلبي، فأمر الوزير أن يؤخذ حماره فيذبح ويطبخ بماء وملح، ثم قدم له على مائدة الوزير، فأكل وهو يظنه لحم