شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٣٩٩
به مشويا كأنه عكة سمن، فأكله لا يدعو عليه عمر ولا ابنه، حتى إذا بقي فخذ قال:
يا عمر، هلم، قال: إني صائم. ثم قال: يا شمردل، أما عندك شئ؟ قلت: بلى، دجاجات خمس مشويات كأنهن رئلان النعام؛ قال: هات، فأتيته بهن، فكان يأخذ برجل الدجاجة حتى يعرى عظامها، ثم يلقيها، حتى أتى عليهن، ثم قال: ويحك يا شمردل!
أما عندك شئ قلت: بلى سويق كأنه قراضة الذهب ملتوت بعسل وسمن، قال:
هلم، فجئته بعس تغيب فيه الرأس، فأخذه فلطم به جبهته حتى أتى عليه، فلما فرغ تجشأ كأنه صارخ في جب، ثم التفت إلى طباخه فقال: ويحك! أفرغت من طبيخك؟
قال: نعم، قال: وما هو؟ قال: نيف وثمانون قدرا، قال: فأتني بها قدرا قدرا، فعرضها عليه، وكان يأكل من كل قدر لقمتين أو ثلاثا، ثم مسح يده واستلقى على قفاه، وأذن للناس، ووضعت الموائد، فقعد فأكل مع الناس كأنه لم يطعم شيئا.
قالوا: وكان الطعام الذي مات منه سليمان، أنه قال لديراني كان صديقه قبل الخلافة:
ويحك! لا تقطعني ألطافك التي كنت تلطفني بها على عهد الوليد أخي، قال: فأتيته يوما بزنبيلين كبيرين أحدهما بيض مسلوق، والاخر تين، فقال: لقمنيه، فكنت أقشر البيضة وأقرنها بالتينة وألقمه، حتى أتى على الزنبيلين، فأصابته تخمة عظيمة ومات.
ويحكى أن عمرو بن معديكرب أكل عنزا رباعية وفرقا من ذرة - والفرق ثلاثة آصع - وقال لامرأته: عالجي لنا هذا الكبش حتى أرجع، فجعلت توقد تحته وتأخذ عضوا عضوا فتأكله، فاطلعت فإذا أو ليس في القدر إلا المرق، فقامت إلى كبش آخر فذبحته وطبخته، ثم أقبل عمرو فثردت له في جفنة العجين وكفأت القدر عليها، فمد يده وقال:
يا أم ثور، دونك الغداء، قالت: قد أكلت فأكل الكبش كله ثم اضطجع ودعاها إلى الفراش فلم يستطع الفعل، فقالت له: كيف تستطيع وبيني وبينك كبشان!
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407