به مشويا كأنه عكة سمن، فأكله لا يدعو عليه عمر ولا ابنه، حتى إذا بقي فخذ قال:
يا عمر، هلم، قال: إني صائم. ثم قال: يا شمردل، أما عندك شئ؟ قلت: بلى، دجاجات خمس مشويات كأنهن رئلان النعام؛ قال: هات، فأتيته بهن، فكان يأخذ برجل الدجاجة حتى يعرى عظامها، ثم يلقيها، حتى أتى عليهن، ثم قال: ويحك يا شمردل!
أما عندك شئ قلت: بلى سويق كأنه قراضة الذهب ملتوت بعسل وسمن، قال:
هلم، فجئته بعس تغيب فيه الرأس، فأخذه فلطم به جبهته حتى أتى عليه، فلما فرغ تجشأ كأنه صارخ في جب، ثم التفت إلى طباخه فقال: ويحك! أفرغت من طبيخك؟
قال: نعم، قال: وما هو؟ قال: نيف وثمانون قدرا، قال: فأتني بها قدرا قدرا، فعرضها عليه، وكان يأكل من كل قدر لقمتين أو ثلاثا، ثم مسح يده واستلقى على قفاه، وأذن للناس، ووضعت الموائد، فقعد فأكل مع الناس كأنه لم يطعم شيئا.
قالوا: وكان الطعام الذي مات منه سليمان، أنه قال لديراني كان صديقه قبل الخلافة:
ويحك! لا تقطعني ألطافك التي كنت تلطفني بها على عهد الوليد أخي، قال: فأتيته يوما بزنبيلين كبيرين أحدهما بيض مسلوق، والاخر تين، فقال: لقمنيه، فكنت أقشر البيضة وأقرنها بالتينة وألقمه، حتى أتى على الزنبيلين، فأصابته تخمة عظيمة ومات.
ويحكى أن عمرو بن معديكرب أكل عنزا رباعية وفرقا من ذرة - والفرق ثلاثة آصع - وقال لامرأته: عالجي لنا هذا الكبش حتى أرجع، فجعلت توقد تحته وتأخذ عضوا عضوا فتأكله، فاطلعت فإذا أو ليس في القدر إلا المرق، فقامت إلى كبش آخر فذبحته وطبخته، ثم أقبل عمرو فثردت له في جفنة العجين وكفأت القدر عليها، فمد يده وقال:
يا أم ثور، دونك الغداء، قالت: قد أكلت فأكل الكبش كله ثم اضطجع ودعاها إلى الفراش فلم يستطع الفعل، فقالت له: كيف تستطيع وبيني وبينك كبشان!