وقال أسماء بن خارجة لجاريته: أخضبيني، فقالت حتى متى أرقعك! فقال:
عيرتني خلقا أبليت جدته * وهل رأيت جديدا لم يعد خلقا.
وأما من يروى ان عليا (عليه السلام) ما خضب، فيحتج بقوله، وقد قيل له: لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين فقال: الخضاب زينه، ونحن في مصيبة - يعنى برسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وسئل الحسن (عليه السلام) عن الخضاب، فقال: هو جزع قبيح. وقال محمود الوراق: يا خاضب الشيب الذي * في كل ثالثة يعود إن الخضاب إذا مضى * فكأنه شيب جديد فدع المشيب وما يريد * فلن تعود كما تريد وقد روى قوم عن النبي (صلى الله عليه وآله) كراهية الخضاب، وأنه قال: لو استقبلتم الشيب بالتواضع لكان خيرا لكم.
قال الشاعر: وصبغت ما صبغ الزمان فلم يدم صبغي * ودامت صبغة الأيام.
وقال آخر:
يا أيها الرجل المغير * شيبه كيما تعد به من الشبان أقصر فلو سودت كل حمامة * بيضاء ما عدت من الغربان.
ويقولون في ديوان عرض الجيش ببغداد لمن يخضب إذا ذكروا حليته: مستعار، وهي كناية لطيفة. وأنا أستحسن قول البحتري: خضبت بالمقراض: كناية عن قص الشعر الأبيض، فجعل ذلك خضابه عوضا عن الصبغ، والأبيات هذه : لابس من شبيبة أم ناض * ومليح من شيبه أم راض (1)