لام معاوية يزيد ابنه على سماع الغناء وحب القيان، وقال له: أسقطت مروءتك، فقال يزيد: أتكلم بلساني كلمة؟ قال: نعم، وبلسان أبي سفيان بن حرب وهند بنت عتبة مع لسانك، قال: والله لقد حدثني عمرو بن العاص - واستشهد على ذلك ابنه عبد الله بصدقه - أن أبا سفيان كان يخلع على المغني الفاضل والمضاعف من ثيابه، ولقد حدثني أن جاريتي عبد الله بن جدعان غنتاه يوما فأطربتاه، فجعل يخلع عليهما أثوابه ثوبا ثوبا حتى تجرد تجرد العير، ولقد كان هو وعفان ابن أبي العاص ربما حملا جارية العاص بن وائل على أعناقهما، فمرا بها على الأبطح وجلة قريش ينظرون إليهما، مرة على ظهر أبيك، ومرة على ظهر عفان، فما الذي تنكر منى! فقال معاوية: اسكت لحاك الله! والله ما أحد الحق بأبيك هذا إلا ليغرك ويفضحك، وإن كان أبو سفيان ما علمت لثقيل الحلم، يقظان الرأي، عازب الهوى، طويل الأناة بعيد القعر، وما سودته قريش إلا لفضله.
(١٣٠)