ويقال في أبواب الكناية للمختضب، هو يسود وجه النذير، لان النذير الشيب، قيل في قوله تعالى: ﴿وجاءكم النذير﴾ (1): إنه الشيب.
وكان عبد الرحمن بن الأسود أبيض الرأس واللحية فأصبح ذات يوم وقد حمرهما، وقال:
إن عائشة أرسلت إلى البارحة جاريتها فأقسمت على لأغيرن، وقالت: إن أبا بكر كان يصبغ.
وروى قيس بن أبي حازم قال: كان أبو بكر يخرج إلينا وكأن لحيته ضرام عرفج.
وعن أبي عامر الأنصاري: رأيت أبا بكر يغير بالحناء والكتم، ورأيت عمر لا يغير شيئا من شيبه، وقال: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة "، ولا أحب أن أغير نوري.
وكان انس بن مالك يخضب وينشد:
نسود أعلاها وتأبى أصولها * وليس إلى رد الشباب سبيل.
وروى أن عبد المطلب وفد على سيف بن ذي يزن، فقال له: لو خضبت! فلما عاد إلى مكة خضب، فقالت له امرأته نثيلة أم العباس وضرار: ما أحسن هذا: الخضاب لو دام! فقال:
فلو دام لي هذا الخضاب حمدته * وكان بديلا من خليل قد انصرم تمتعت منه والحياة قصيرة * ولابد من موت - نثيلة - أو هرم وموت جهيز عاجل لا شوى له * أحب إلينا من مقالكم حكم قال: يعنى أنه صار شيخا، فصار حكما بين الناس، من قوله:
لا تغبط المرء أن يقال له * أضحى فلان لسنه حكما.