وروى محمد بن إسحاق أن عتبة بارز عبيدة بن الحارث، وأن شيبة بارز حمزة بن عبد المطلب، فقتل حمزة شيبة، لم يمهله أن قتله، ولم يمهل على الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت (1) صاحبه، وكر حمزة وعلي عليه السلام على عتبة بأسيافهما، حتى وقعا عليه (2)، واحتملا صاحبهما فحازاه إلى الصف (3).
قلت وهذه الرواية توافق ما يذكره أمير المؤمنين عليه السلام في كلامه، إذ يقول لمعاوية وعندي السيف الذي أعضضت به أخاك وخالك وجدك يوم بدر. ويقول في موضع آخر قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدك، وما هي من الظالمين ببعيد.
واختار البلاذري رواية الواقدي وقال: إن حمزة قتل عتبة، وإن عليا عليه السلام قتل الوليد، وشرك في قتل شيبة (4).
وهذا هو المناسب لأحوالهم من طريق السن، لان شيبة أسن الثلاثة، فجعل بإزاء عبيدة وهو أسن الثلاثة، والوليد أصغر الثلاثة سنا، فجعل بإزاء علي عليه السلام وهو أصغر الثلاثة سنا، وعتبة أوسطهم سنا، فجعل بإزاء حمزة وهو أوسطهم سنا. وأيضا فان عتبة كان أمثل الثلاثة، فمقتضى القياس أن يكون قرنه أمثل الثلاثة، وهو حمزة إذ ذاك، لان عليا عليه السلام لم يكن قد اشتهر أمره جدا، وإنما اشتهر الشهرة التامة بعد بدر. ولمن روى أن حمزة بارز شيبة - وهي رواية ابن إسحاق - أن ينتصر بشعر هند بنت عتبة ترثي أباها:
أعيني جودا بدمع سرب * على خير خندف لم ينقلب (5) تداعى له رهطه قصرة * بنو هاشم وبنو المطلب (6) يذيقونه حر أسيافهم * يعلونه بعد ما قد عطب (7)