شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٩٣
قال (ولم يؤده) أي لم يثقله.
ثم ذكر انه تعالى لم يخلق الدنيا ليشد بها سلطانه، ولا لخوفه من زوال أو نقص يلحقه، ولا ليستعين بها على ند مماثل له، أو يحترز بها عن ضد محارب له، أو ليزداد بها ملكه ملكا، أو ليكاثر بها شريكا في شركته له، أو لأنه كان قبل خلقها مستوحشا فأراد أن يستأنس بمن خلق.
ثم ذكر انه تعالى (سيفنيها بعد ايجادها) لا لضجر لحقه في تدبيرها، ولا لراحة تصله في إعدامها، ولا لثقل شئ منها عليه حال وجودها، ولا لملل أصابه فبعثه على إعدامها.
ثم عاد عليه السلام فقال إنه سبحانه سيعيدها إلى الوجود بعد الفناء، لا لحاجة إليها ولا ليستعين ببعضها على بعض، ولا لأنه استوحش حال عدمها فأحب أن يستأنس بإعادتها، ولا لأنه فقد علما عند إعدامها فأراد بإعادتها استجداد ذلك العلم، ولا لأنه صار فقيرا عند إعدامها فأحب أن يتكثر ويثرى بإعادتها، ولا لذل أصابه بإفنائها فأراد العز بإعادتها.
فان قلت إذا كان يفنيها لا لكذا ولا لكذا، وكان من قبل أوجدها لا لكذا ولا لكذا، ثم قلتم انه يعيدها لا لكذا ولا لكذا، فلأي حال أوجدها أولا، ولأي حال أفناها ثانيا، ولأي حال أعادها ثالثا خبرونا عن ذلك، فإنكم قد حكيتم عنه عليه السلام الحكم ولم تحكوا عنه العلة.
قلت: إنما أوجدها أولا للإحسان إلى البشر ليعرفوه، فإنه لو لم يوجدهم لبقي مجهولا لا يعرف، ثم كلف البشر ليعرضهم للمنزلة الجليلة التي لا يمكن وصولهم إليها الا بالتكليف وهي الثواب، ثم يفنيهم لأنه لا بد من انقطاع التكليف ليخلص الثواب من مشاق التكاليف; وإذا كان لا بد من انقطاعه فلا فرق بين انقطاعه بالعدم المطلق،
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317