والمقدمات البديهية يستحيل أن تضعف عند الانسان حتى يصير ايمانه جدليا أو تقليديا.
وثانيها قوله عليه السلام (فإذا كانت لكم براءة)، فنقول انه عليه السلام نهى عن البراءة من أحد ما دام حيا، لأنه وإن كان مخطئا في اعتقاده، لكن يجوز أن يعتقد الحق فيما بعد، وإن كان مخطئا في أفعاله، لكن يجوز أن يتوب. فلا تحل البراءة من أحد حتى يموت على أمر; فإذا مات على اعتقاد قبيح أو فعل قبيح جازت البراءة منه، لأنه لم يبق له بعد الموت حاله تنتظر; وينبغي أن تحمل هذه البراءة التي أشار إليها عليه السلام على البراءة المطلقة، لا على كل براءة، لأنا يجوز لنا أن نبرأ من الفاسق وهو حي، ومن الكافر وهو حي، لكن بشرط كونه فاسقا، وبشرط كونه كافرا، فاما من مات ونعلم ما مات عليه فانا نبرأ منه براءة مطلقة غير مشروطة.
وثالثها قوله (والهجرة قائمة على حدها الأول)، فنقول هذا كلام يختص به أمير المؤمنين عليه السلام، وهو من اسرار الوصية، لان الناس يروون عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا (هجرة بعد الفتح)، فشفع عمه العباس في نعيم بن مسعود الأشجعي أن يستثنيه، فاستثناه وهذه الهجرة التي يشير إليها أمير المؤمنين عليه السلام ليست تلك الهجرة، بل هي الهجرة إلى الامام، قال إنها قائمة على حدها الأول ما دام التكليف باقيا، وهو معنى قوله (ما كان لله تعالى في أهل الأرض حاجة).
وقال الراوندي ما هاهنا نافيه، أي لم يكن لله في أهل الأرض من حاجة، وهذا ليس بصحيح، لأنه ادخال كلام منقطع بين كلامين متصل أحدهما بالآخر.
ثم ذكر انه لا يصح أن يعد الانسان من المهاجرين الا بمعرفة امام زمانه، وهو