شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ١٠٢
أحدها الايمان الحقيقي، وهو الثابت المستقر في القلوب بالبرهان اليقيني.
الثاني ما ليس ثابتا بالبرهان اليقيني بل بالدليل الجدلي، كإيمان كثير ممن لم يحقق العلوم العقلية، ويعتقد ما يعتقده عن أقيسة جدلية لا تبلغ إلى درجة البرهان، وقد سمى عليه السلام هذا القسم باسم مفرد، فقال إنه عواري في القلوب، والعواري جمع عارية أي هو وإن كان في القلب وفي محل الايمان الحقيقي الا أن حكمه حكم العارية في البيت، فإنها بعرضة الخروج منه، لأنها ليست أصلية كائنة في بيت صاحبها.
والثالث ما ليس مستندا إلى برهان ولا إلى قياس جدلي، بل على سبيل التقليد وحسن الظن بالأسلاف، وبمن يحسن ظن الانسان فيه من عابد أو زاهد أو ذي ورع، وقد جعله عليه السلام عواري بين القلوب والصدور لأنه دون الثاني، فلم يجعله حالا في القلب، وجعله مع كونه عارية حالا بين القلب والصدر. فيكون أضعف مما قبله.
فان قلت فما معنى قوله (إلى اجل معلوم)؟
قلت إنه يرجع إلى القسمين الأخيرين; لان من لا يكون ايمانه ثابتا بالبرهان القطعي قد ينتقل ايمانه إلى أن يصير قطعيا، بان ينعم النظر ويرتب البرهان ترتيبا مخصوصا، فينتج له النتيجة اليقينية، وقد يصير ايمان المقلد ايمانا جدليا فيرتقى إلى ما فوقه مرتبته، وقد يصير ايمان الجدلي ايمانا تقليديا بان يضعف في نظره ذلك القياس الجدلي، ولا يكون عالما بالبرهان، فيؤول حال ايمانه إلى أن يصير تقليديا، فهذا هو فائدة قوله (إلى اجل معلوم) في هذين القسمين.
فاما صاحب القسم الأول فلا يمكن أن يكون ايمانه إلى اجل معلوم، لان من ظفر بالبرهان استحال أن ينتقل عن اعتقاده، لا صاعدا ولا هابطا، اما لا صاعدا، فلأنه ليس فوق البرهان مقام آخر، واما لا هابطا، فلان مادة البرهان هي المقدمات البديهية
(١٠٢)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317