شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٦٠
المعتزلة الا القليل، قال قد كنت ألقي من الذر والنمل في الرطب يكون عندي وفي الطعام عنتا كثيرا، وذلك لأني كنت لا استقذر النملة ولا الذرة، ثم وجدت الواحدة منهما إذا وقعت في قارورة بان أو زئبق أو خيري، فسد ذلك الدهن وزنخ، فقذرتها ونفرت منها، وقلت أخلق بطبيعتها أن تكون فاسدة خبيثة، وكنت أرى لها عضا منكرا، فأقول انها من ذوات السموم، ولو إن بدن النملة زيد في اجزائه حتى يلحق ببدن العقرب، ثم عضت انسانا لكانت عضتها أضر عليه من لسعة العقرب.
قال فاتخذت عند ذلك لطعامي منملة وقيرتها، وصببت في خندقها الماء، ووضعت سلة الطعام على رأسها، فغبرت أياما اكشف رأس السلة بعد ذلك، وفيها ذر كثير، ووجدت الماء في الخندق على حاله، فقلت عسى أن يكون بعض الصبيان أنزلها، واكل مما فيها وطال مكثها في الأرض، وقد دخلها الذر ثم أعيدت على تلك الحال، وتكلمت في ذلك وتعرفت الحال فيه، فعرفت البراءة في عذرهم، والصدق في خبرهم، فاشتد تعجبي، وذهبت بي الظنون والخواطر كل مذهب، فعزمت على أن أرصدها وأحرسها، وأتثبت في أمري، وأتعرف شأني، فإذا هي بعد أن رامت الخندق فامتنع عليها تركته جانبا، وصعدت في الحائط، ثم مرت على جذع السقف، فلما صارت محاذية للسلة أرسلت نفسها فقلت في نفسي انظر كيف اهتدت إلى هذه الحيلة ولم تعلم أنها تبقى محصورة.
ثم قلت وما عليها أن تبقى محصورة بل أي حصار على ذرة وقد وجدت ما تشتهى.
قال أبو عثمان ومن أعاجيب الذرة انها لا تعرض لجعل ولا لجرادة ولا لخنفساء ولا لبنت وردان، ما لم يكن بها حبل أو عقر أو قطع رجل أو يد، فان وجدت بها من ذلك أدنى علة، وثبت عليها، حتى لو أن حية بها ضربة أو خرق أو خدش، ثم كانت من
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317