الأرض) (1) وهذا الكلام استعارة.
قال لو أمعنت النظر لعلمت أن خالق النملة الحقيرة هو خالق النخلة الطويلة لان كل شئ من الأشياء تفصيل جسمه وهيئته تفصيل دقيق، واختلاف تلك الأجسام في أشكالها وألوانها ومقاديرها اختلاف غامض السبب، فلا بد للكل من مدبر يحكم بذلك الاختلاف ويفعله، على حسب ما يعلمه من المصلحة.
ثم قال وما الجليل والدقيق في خلقه الا سواء لأنه تعالى قادر لذاته، لا يعجزه شئ من الممكنات.
ثم قال (فانظر إلى الشمس والقمر) إلى قوله (والألسن المختلفات)، هذا هو الاستدلال بامكان الاعراض على ثبوت الصانع والطرق إليه أربعة:
أحدها الاستدلال بحدوث الأجسام.
والثاني الاستدلال بامكان الاعراض والأجسام.
والثالث الاستدلال بحدوث الاعراض.
والرابع الاستدلال بامكان الاعراض.
وصورة الاستدلال هو أن كل جسم يقبل - للجسمية المشتركة بينه وبين سائر الأجسام - ما يقبله غيره من الأجسام، فإذا اختلفت الأجسام في الاعراض فلا بد من مخصص خصص هذا الجسم بهذا العرض دون أن يكون هذا العرض لجسم آخر، ويكون لهذا الجسم عرض غير هذا العرض، لان الممكنات لا بد لها من مرجح يرجح أحد طرفيها على الاخر، فهذا هو معنى (قوله فانظر إلى الشمس والقمر، والنبات والشجر، والماء والحجر، واختلاف هذا الليل والنهار، وتفجر هذه البحار، وكثرة هذه الجبال، وطول هذه القلال، وتفرق هذه اللغات، والألسن المختلفات) أي انه يمكن أن تكون هيئة