ثعابين مصر، لوثب عليها الذر حتى يأكلها، ولا تكاد الحية تسلم من الذر إذا كان بها أدنى عقر.
قال أبو عثمان وقد عذب الله بالذر والنمل أمما وأمما، واخرج أهل قرى من قراهم، وأهل دروب من دروبهم.
وحدثني بعض من أصدق خبره، قال سالت رجلا كان ينزل ببغداد في بعض الدروب التي في ناحية باب الكوفة التي جلا أهلها عنها، لغلبة النمل والذر عليها، فسألته عن ذلك، فقال وما تصنع بالحديث امض معي إلى داري التي أخرجني منها النمل.
قال فدخلتها معه فبعث غلامه، فاشترى رؤوسا من الراسين ليتغذى بها، فانتقلنا هربا من النمل في أكثر من عشرين مكانا، ثم دعا بطست ضخمة، وصب فيها ماء صالحا، ثم فرق عظام الرؤوس في الدار، ومعه غلمانه، فكان كلما اسود منها عظم لكثرة النمل واجتماعه عليه - وذلك في أسرع الأوقات - اخذه الغلام ففرغه في الطست بعود ينثر به ما عليه في جوف الطست، فما لبثنا مقدار ساعة من النهار حتى فاضت الطست نملا، فقال كم تظن انى فعلت مثل هذا قبل الجلاء طمعا في أن اقطع أصلها فلما رأيت عددها اما زائدا، واما ثابتا، وجاءنا ما لا يصبر عليه أحد، ولا يمكن معه مقام، خرجت عنها.
قال أبو عثمان وعذب عمر بن هبيرة سعيد بن عمرو الحرشي بأنواع العذاب، فقيل له إن أردت الا يفلح ابدا فمرهم فلينفخوا في دبره النمل، ففعلوا فلم يفلح بعدها (1).