شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٣٨
أو ثمان وعرف فضل ما بين الأنبياء والكهنة، وفرق ما بين الرسل والسحرة، وفرق ما بين خبر النبي والمنجم، وحتى عرف كيد الأريب (1)، وموضع الحجة، و (2 وبعد غور المتنبي 2)، كيف يلبس على العقلاء، وتستمال عقول الدهماء، وعرف الممكن في الطبع من الممتنع، ما يحدث بالاتفاق مما يحدث بالأسباب، وعرف قدر القوى وغاية الحيلة ومنتهى التمويه والخديعة، وما لا يحتمل أن يحدثه الا الخالق سبحانه، وما يجوز على الله في حكمته مما لا يجوز، وكيف التحفظ من الهوى والاحتراس من الخداع، لكان كونه على هذه الحال وهذه مع فرط الصبا و الحداثة وقلة التجارب والممارسة خروجا من العادة. ومن المعروف مما عليه تركيب هذه الخلقة، وليس يصل أحد إلى معرفه نبي وكذب متنبئ، حتى يجتمع فيه هذه المعارف التي ذكرناها، والأسباب التي وصفناها وفصلناها، ولو كان علي عليه السلام على هذه الصفة ومعه هذه الخاصية لكان حجة على العامة، وآية تدل على النبوة، ولم يكن الله عز وجل ليخصه بمثل هذه الأعجوبة الا وهو يريد أن يحتج بها، ويجعلها قاطعة لعذر الشاهد وحجة على الغائب. ولولا إن الله أخبر عن يحيى بن زكريا انه اتاه الحكم صبيا، وانه أنطق عيسى في المهد ما كانا في الحكم [ولا في المغيب]، (3) الا كسائر الرسل، وما عليه جميع البشر. فإذا لم ينطق لعلى عليه السلام بذلك قرآن، ولا جاء الخبر به مجئ الحجة القاطعة والمشاهدة القائمة، فالمعلوم عندنا في الحكم أن طباعه كطباع عميه حمزة والعباس، وهما أمس بمعدن جماع الخير منه، أو كطباع جعفر وعقيل من رجال قومه، وسادة رهطه. ولو أن انسانا ادعى مثل ذلك لأخيه جعفر أو لعميه حمزة والعباس، ما كان عندنا في امره الا مثل ما عندنا فيه (4).
أجاب شيخنا أبو جعفر رحمه الله فقال هذا كله مبنى على أنه أسلم وهو ابن سبع أو ثمان، ونحن قد بينا انه أسلم بالغا ابن خمس عشره سنه أو ابن أربع عشره سنة، على

(١) العثمانية: (المريب).
(٢ - ٢) في الأصول: (وفقد التمييز)، وأثبت ما في العثمانية.
(٣) من العثمانية.
(٤) العثمانية 6 - 8.
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317