قلنا قد ثبت اسلامه بحكم إقراركم، ولو كان طفلا لكان في الحقيقة غير مسلم، لان اسم الايمان والاسلام والكفر والطاعة والمعصية إنما يقع على البالغين دون الأطفال والمجانين، وإذا أطلقتم وأطلقنا اسم الاسلام، فالأصل في الاطلاق الحقيقة، كيف وقد قال النبي صلى الله عليه وآله (أنت أول من آمن بي، وأنت أول من صدقني) وقال لفاطمة (زوجتك أقدمهم سلما - أو قال اسلاما -) فان قالوا إنما دعاه النبي صلى الله عليه وآله إلى الاسلام على جهة العرض لا التكليف.
قلنا قد وافقتمونا على الدعاء، وحكم الدعاء حكم الامر والتكليف ثم ادعيتم إن ذلك كان على وجه العرض، وليس لكم أن تقبلوا معنى الدعاء [عن وجهه] (1) الا لحجة.
فان قالوا لعله كان على وجه التأديب والتعليم، كما يعتمد مثل ذلك مع الأطفال قلنا إن ذلك إنما يكون إذا تمكن الاسلام باهله، أو عند النشوء عليه والولادة فيه، فاما في دار الشرك فلا يقع مثل ذلك، لا سيما إذا كان الاسلام غير معروف ولا معتاد بينهم، على أنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه وآله دعاء أطفال المشركين إلى الاسلام والتفريق بينهم وبين آبائهم، قبل أن يبلغوا الحلم.
وأيضا فمن شان الطفل اتباع أهله وتقليد أبيه، والمضي على منشئه ومولده، وقد كانت منزلة النبي صلى الله عليه وآله حينئذ منزلة ضيق وشدة ووحدة، وهذه منازل لا ينتقل إليها الا من ثبت الاسلام عنده بحجة، ودخل اليقين قلبه بعلم ومعرفة.
فان قالوا إن عليا عليه السلام كان يألف النبي صلى الله عليه وآله، فوافقه على طريق المساعدة له.
قلنا إنه وإن كان يألفه أكثر من أبويه وإخوته وعمومته وأهل بيته، ولم يكن الألف ليخرجه عما نشأ عليه، ولم يكن الاسلام مما غذي (2) به وكرر على سمعه،