ظئري - امام الحي تهتف بأعلى صوتها، وتقول يا ضعيفاه فانكب على أولئك الرهط فقبلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا حبذا أنت من ضعيف ثم قالت ظئري يا وحيداه فانكبوا على، وضموني إلى صدورهم، وقبلوا رأسي وما بين عيني، ثم قالوا حبذا أنت من وحيد وما أنت بوحيد إن الله وملائكته معك والمؤمنون من أهل الأرض، ثم فالت ظئري يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك، فقتلت لضعفك، فانكبوا علي وضموني إلى صدورهم، وقبلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا حبذا أنت من يتيم ما أكرمك على الله لو تعلم ما يراد بك من الخير فال فوصل الحي إلى شفير الوادي، فلما بصرت بي أمي - وهي ظئري - نادت يا بني، الا أراك حيا بعد فجاءت حتى انكبت علي، وضمتني إلى صدرها، فوالذي نفسي بيده، إني لفي حجرها فد ضمتني إليها، وان يدي لفي يد بعضهم، فجعلت التفت إليهم، وظننت أن القوم يبصرونهم، فإذا هم لا يبصرونهم، فيقول بعض القوم إن هذا الغلام قد أصابه لمم، أو طائف من الجن، فانطلقوا به إلى كاهن بني فلان، حتى ينظر إليه ويداويه، فقلت ما بي شئ مما يذكرون، نفسي سليمة، وان فؤادي صحيح، ليست بي قلبة (1) فقال أبي - وهو زوج ظئري: الا ترون كلامه صحيحا اني أرجو الا يكون على ابني باس.
فاتفق القوم على أن يذهبوا إلى الكاهن بي، فاحتملوني حتى ذهبوا بي إليه، فقصوا عليه قصتي، فقال اسكتوا حتى اسمع من الغلام، فهو اعلم بأمره منكم، فسألني فقصصت عليه أمري، وانا يومئذ ابن خمس سنين، فلما سمع قولي وثب وقال يا للعرب اقتلوا هذا الغلام فهو واللات والعزى لئن عاش ليبدلن دينكم وليخالفن امركم، وليأتينكم بما لم تسمعوا به قط، فانتزعتني ظئري من حجره، وقالت لو علمت إن هذا يكون من قولك ما أتيتك به،