شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٠٣
صاحبي حين أصبحنا أتعلمين (1) والله يا حليمة لقد اخذت نسمة مباركة، فقلت والله انى لأرجو ذلك، ثم خرجنا وركبت أتاني تلك، وحملته معي عليها، فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شئ من حميرهم (2) حتى إن صواحبي ليقلن لي ويحك يا بنت أبي ذؤيب اربعي (3) علينا، أليس هذه أتانك التي كنت خرجت عليها فأقول لهن بلى والله، انها لهي، فيقلن والله إن لها لشأنا.
قالت ثم قدمنا منازلنا من بلاد بنى سعد - وما اعلم أرضا من ارض العرب أجدب منها - فكانت غنمي تروح على حين قدمنا به معنا شباعا ملأى (4) لبنا، فكنا نحتلب ونشرب، وما يحلب انسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع، حتى إن الحاضر من قومنا ليقولون لرعاتهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعى ابنة أبى ذؤيب فيفعلون، فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة، وتروح غنمي شباعا لبنا، فلم نزل نعرف من الله الزيادة والخير به حتى مضت سنتاه وفصلته، فكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان [فلم يبلغ سنتيه] (5)، حتى كان غلاما جفرا (6)، فقدمنا به على أمه آمنة بنت وهب، ونحن أحرص شئ على مكثه فينا، لما كنا نرى من بركته، فكلمنا أمه، وقلنا لها لو تركته عندنا حتى يغلظ فانا نخشى عليه (7) وباء مكة، فلم نزل بها حتى ردته معنا.
فرجعنا به إلى بلاد بنى سعد، فوالله انه لبعد ما قدمنا بأشهر مع أخيه في بهم (8) لنا خلف بيوتنا، إذ أتانا أخوه يشتد، فقال لي ولأبيه ها هو ذاك أخي القرشي، قد جاءه

(1) ابن هشام: (تعلمي).
(2) ابن هشام: (حمرهم).
(3) اربعي علينا، اي أقيمي وانتظري، يقال: ربع فلان على فلان، إذا أقام عليه وانتظره.
(4) ابن هشام: (لبنا) بالتشديد، اي غزيرات اللبن.
(5) من ابن هشام.
(6) جفرا، اي قويا شديدا.
(7) الوباء، مهموز ومقصور: كثرة الأمراض والموت.
(8) البهم: الصغار من الغنم، واحدها بهمة.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317