شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٠٩
ما لم يعلم (1). فقراته ثم انصرف عنى فانتبهت من نومي، وكأنما كتب في قلبي كتاب، وذكر تمام الحديث.
واما حديث أن الاسلام لم يجتمع عليه بيت واحد يومئذ الا النبي وهو - عليهما السلام - وخديجة، فخبر عفيف الكندي مشهور، وقد ذكرناه من قبل، وان أبا طالب قال له أتدري من هذا قال لا قال هذا ابن أخي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وهذا ابني علي بن أبي طالب، وهذه المرأة خلفهما خديجة بنت خويلد; زوجة محمد ابن أخي، وأيم الله ما اعلم على الأرض كلها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.
واما رنة الشيطان، فروى أبو عبد الله أحمد بن حنبل في مسنده، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله صبيحة الليلة التي أسرى به فيها، وهو بالحجر يصلى، فلما قضى صلاته، وقضيت، صلاتي سمعت رنة شديدة، فقلت يا رسول الله، ما هذه الرنة قال الا تعلم هذه رنة الشيطان، علم انى أسرى بي الليلة إلى السماء، فأيس من أن يعبد في هذه الأرض.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله ما يشابه هذا، لما بايعه الأنصار السبعون ليلة العقبة سمع من العقبة صوت عال في جوف الليل يا أهل مكة، هذا مذمم والصباة معه قد اجمعوا على حربكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصار الا تسمعون ما يقول هذا أزب العقبة يعنى شيطانها، وقد روى (أزبب العقبة). ثم التفت إليه فقال (2) استمع يا عدو الله، اما والله لأفرغن لك.

(1) سورة اقرأ: 5.
(2) في اللسان: (كانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى الاسلام، ويسمون من دخل في دين الاسلام مصبوا، لأنهم كانوا لا يهمزون، فأبدلوا من الهمزة واوا، ويسمون المسلمين الصباة من غير همز، كأنه جمع الصابي).
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست