وهذا الكلام هو ما يقوله أصحابنا بعينه في تعليل أفعال البارئ سبحانه بالحكمة والمصلحة، وان الغرض بالتكليف هو التعريض للثواب، وانه يجب أن يكون خالصا من الالجاء ومن أن يفعل الواجب بوجه غير وجه وجوبه، يرتدع عن القبيح لوجه غير وجه قبحه.
وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في التاريخ، دان موسى قدم هو وأخوه هارون مصر على فرعون، لما بعثهما الله تعالى إليه حتى وقفا على بابه يلتمسان الاذن عليه، فمكثا سنين يغدوان على بابه ويروحان، لا يعلم بهما، ولا يجترئ أحد على أن يخبره بشأنهما - وقد كانا قالا لمن بالباب انا رسولا رب العالمين إلى فرعون - حتى دخل عليه بطال له يلاعبه ويضحكه، فقال له أيها الملك إن على الباب رجلا يقول قولا عجيبا عظيما، ويزعم أن له إلها غيرك، قال ببابي قال نعم، قال أدخلوه، فدخل وبيده عصاه، ومعه هارون أخوه، فقال انا رسول رب العالمين إليك... وذكر تمام الخبر.
فان قلت أي خاصية في الصوف ولبسه ولم اختاره الصالحون على غيره قلت ورد في الخبر أن أول لباس لبسه آدم لما هبط إلى الأرض صوف كبش قيضه الله له، وأمره أن يذبحه فيأكل لحمه ويلبس صوفه; لأنه اهبط عريان من الجنة فذبحه، وغزلت حواء صوفه، فلبس آدم منه ثوبا، والبس حواء ثوبا آخر، فلذلك صار شعار الأولياء وانتسبت إليه الصوفية