ولو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام، ومشاعره العظام، بين جنات وأنهار، وسهل وقرار، جم الأشجار، دانى الثمار، ملتف البنى، متصل القرى، بين برة سمراء، وروضة خضراء، وأرياف محدقة، وعراص مغدقة، وزروع ناضرة، وطرق عامرة، لكان قد صغر قدر الجزاء، على حسب ضعف البلاء.
ولو كان الأساس المحمول عليها، والأحجار المرفوع بها، من زمردة خضراء، وياقوتة حمراء، ونور وضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب من الناس.
ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد، ويتعبدهم بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره، اخراجا للتكبر من قلوبهم، واسكانا للتذلل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله، وأسبابا ذللا لعفوه.
* * * الشرح:
كانت المثوبة أي الثواب.
وأجزل أكثر، والجزيل العظيم، وعطاء جزل وجزيل والجمع جزال، وقد أجزلت له من العطاء، أي أكثرت.
وجعله للناس قياما، أي عمادا، وفلان قيام أهله، أي يقيم شؤونهم، ومنه قوله تعالى ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما﴾ (1).
وأوعر بقاع الأرض حجرا، أي أصعبها، ومكان وعر، بالتسكين صعب المسلك أو المقام.