الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٤٠٠
يقولون يضرب السيد مع غرماء المكاتب بما له عليه مما ترك من المال قال مالك ليس للمكاتب ان يقاطع سيده إذا كان عليه دين للناس فيعتق ويصير لا شيء له لان أهل الدين أحق بماله من سيده فليس ذلك بجائز له قال أبو عمر هذا كما قال وهو قول الجمهور الذين يرون أهل الدين أحق به من السيد لان المكاتب إذا قاطع سيده وهو لا مال عنده الا ما قد اغترقه الدين ولا قوة به على الاكتساب فقد غره وإذا غره فقد بطل ما فعله من المقاطعة وعاد في رقبته وقد اختلف الفقهاء في افلاس المكاتب فقال مالك يأخذ الغرماء ما وجدوا ولا سبيل لهم إلى رقبته وهو قول الشافعي والكوفي وقال سفيان الثوري إذا عجز المكاتب وعليه ديون للناس فعلى السيد ان يبتداه [إذا أسلمه] والا أسلمه إليهم وبه قال احمد وإسحاق قال مالك (1) الامر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجل له ما قاطعه عليه انه ليس بذلك باس وانما كره ذلك من كرهه لأنه انزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى اجل فيضع عنه وينقده وليس هذا مثل الدين انما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالا في أن يتعجل العتق فيجب له الميراث والشهادة والحدود وتثبت له حرمة العتاقة ولم يشتر دراهم بدراهم ولا ذهبا بذهب وانما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه ائتني بكذا وكذا دينارا وأنت حر فوضع عنه من ذلك فقال ان جئتني بأقل من ذلك فأنت حر فليس هذا دينا ثابتا ولو كان دينا ثابتا لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس فدخل معهم في مال مكاتبه قال أبو عمر هذه المسالة في معنى حديث أم سلمة المذكور في أول هذا الباب وقد اختلف العلماء فيها فكان بن عمر يكره ذلك ولا يجيزه فخالف في ذلك أم سلمة وبقول بن عمر قال في ذلك الليث بن سعد واحمد وإسحاق وهو قول الشافعي لان حكم المكاتب في ما يملكه غير حكم العبد ليس للسيد اخذ شيء من ماله غير نجامته فاشبه الحر [والأجنبي] في هذا المعنى
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»