الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٣٦
وانما تنكحه لغناه وللمال الذي أعطاه أبوه فيريد ان يعتصر ذلك الأب أو يتزوج الرجل المراة قد نحلها أبوها النحل انما يتزوجها ويرفع في صداقها (1) لغناها ومالها وما أعطاها أبوها ثم يقول الأب انا اعتصر ذلك فليس له ان يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئا من ذلك إذا كان على ما وصفت لك قال أبو عمر قد قلنا إن الاعتصار عند أهل المدينة هو الرجوع في الهبة والعطية ولا اعلم خلافا بين العلماء ان الصدقة لا رجوع فيها للمتصدق بها وكل ما أريد به - من الهبات - وجه الله تعالى بأنها تجري مجرى الصدقة في تحريم الرجوع فيها واما الهبات إذا لم يقل الواهب فيها لله ولا أراد بهبته الصدقة المخرجة لله (عز وجل) فان العلماء اختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا فمذهب مالك فيما ذكره في كتابه (الموطأ) على ما أوردناه من تخصيص ترك رجوع الأب في هبته لولده إذا نكحت الابنة أو استدان الابن ونحو ذلك على ما تقدم وصفه واما الشافعي فليس لأحد عنده ان يرجع في هبته الا الوالد ثم وقف عن ذلك فقال لو اتصل حديث طاوس (لا يحل لواهب ان يرجع في هبته الا الوالد) لقلت به ولم أزد واهبا غيره وهب لمن يستثيب منه أو لمن لا يستثيب منه قال أبو عمر قد وصل حديث طاوس حسين المعلم وهو ثقة ليس به باس أخبرنا عبد الله بن محمد [قال حدثني محمد بن بكر] قال حدثني أبو داود قال حدثني مسدد قال حدثني يزيد بن زريع قال حدثني حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن بن عمر وبن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يحل لاحد ان يعطي عطية أو يهب هبة ثم يرجع فيها الا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاءه ثم عاد في قيئه) (2) قال أبو عمر اما قوله صلى الله عليه وسلم (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) ولا خلاف بين أهل العلم في صحة اسناده ومن أحسن أسانيده حديث شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عباس
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»