الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٤١
قال أبو عمر من قال في العمرى بحديث أبي الزبير عن جابر وما كان مثله في العمرى جعل العمرى هبة مبتولة ملكا للذي اعمرها وأبطل شرط ذكر العمر فيها وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما وهو قول عبد الله بن شبرمة وسفيان الثوري والحسن بن صالح وبن عيينة وأحمد بن حنبل وأبي عبيد كل هؤلاء يقولون بالعمري هبة مبتولة يملك المعمر رقبتها ومنافعها واشترطوا فيها القبض كسائر الهبات فإذا قبضها المعمر ورثها عنه ورثته بعده كسائر ماله لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبطل شرط المعمر فيها وجعلها ملكا للمعمر موروثا عنه قالوا وسواء ذكر العقب في ذلك والسكوت عنه لأنه لو اعمرها من اعقبها أو من لا يكون له عقب كالمجبوب والعقيم فقال لك ولعقبك أو قال ذلك لمن له عقب فماتوا قبله لم يكن لذكر العقب معنى يصح الا انها حينئذ تورث عندهم عنه وقد يرثه غير عقبه قالوا فذكر العقب لا معنى له في ذلك وانما المعنى الصحيح ما جاء به الأثر واضحا ان العمرى تورث عن المعطي لملكه لها بما جعلها رسول الله من ذلك له حياته وموته وهو قول جابر بن عبد الله وبن عمر وبن عباس ذكر معمر عن أيوب عن حبيبه بن أبي ثابت قال سمعت بن عمر وساله اعرابي اعطى ابنه ناقة له حياته فانتجت إبلا فقال بن عمر هي له حياته وموته قال أفرأيت ان تصدق بها عليه قال فذلك ابعد له قال أبو عمر هذا الحديث عن بن عمر يدل على أن مذهبه في العمرى بخلاف مذهبه في الاسكان والسكنى بدليل انه ورث من حفصة أخته دارا كانت أسكنتها بنت زيد بن الخطاب ما عاشت فلما ماتت بنت زيد بن الخطاب بعد موت حفصة ورث بن عمر الدار عن أخته حفصة لأنها كانت على ملكها وكان عبد الله بن عمر وارثها لأنه كان شقيقها وعلى هذا أكثر أهل العلم في الاعمار والعمرى إذا ذلك مخالف للاسكان والسكنى وقد كان الحسن وعطاء وقتادة يسوون بين العمرى والسكنى وقالوا من اسكن أحدا داره لم ينصرف إليه ابدا
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»