الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٣١
قال هو لابني قد كنت أعطيته إياه من نحل نحلة فلم يجزها الذي نحلها حتى يكون ان مات لورثته فهي باطل قال أبو عمر صح القضاء من الخليفتين أبي بكر وعمر وروي [ذلك] عن عثمان وعلي ان الهبة لا تصح الا بان يحوزها الموهوب له في حياة الواهب وينفرد بها دونه وقد تقدمت رواية مالك عن أبي بكر في ذلك ورواه بن عيينة قال حدثنا الزهري عن عروة عن عائشة ان أباها نحلها جادا عشرين وسقا من ماله فلما حضرته الوفاة جلس فتشهد وحمد الله واثنى عليه ثم قال اما بعد يا بنية فاني - والله - ان أحب الناس إلي غنى بعدي لانت وان أعز الناس علي فقرا بعدي لانت واني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا من مالي وددت انك حزتيه وحددتيه وانما هو اليوم من مال الوارث وانما هما أخواك وأختاك قالت هذا أخواي فمن اختاي قال ذو بطن بنت خارجة فاني أظنها جارية قالت لو كان ما بين كذا وكذا لرددته قال أبو عمر اتفق مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي [وأصحابهم] ان الهبة لا تصح الا بالحيازة لها ومعنى الحيازة القبض بما يقبض به مثل تلك الهبة الا انهم اختلفوا في هبة المشاع وسنذكر ذلك بعد إن شاء الله تعالى والهبة عند مالك على ما أصفه لك تصح بالقول من الواهب والقبول من الموهوب له تتم بالقبض والحيازة وما دام الواهب حيا فللموهوب له المطالبة بها الواهب حتى يقبضها فان قبضها تمت له وصارت ملكا من ملكه وان لم يقبضها حتى يموت الواهب بطلت الهبة عنده لأنهم انزلوها حين وهبها ولم يسلمها إلى أن مات منزلة من أراد اخراج تلك العطية بعد موته من راس ماله لوارث أو غير وارث وكانت في يده طول حياته فلم يرض بها بعد مماته فلم يجز له شيء من ذلك هذا حكمه عند مالك وأصحابه إذا مات الواهب فان مات الموهوب له قبله كان لورثته عنده ان يقوموا مقامه بالمطالبة لها حتى يسلم إليهم الواهب وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم الهبة لا تصح الا بالقبض من الموهوب له وتسليم من الواهب فإن لم يكن ذلك فهي باطل وليس الموهوب به ان يطالب الواهب بتسليمها لأنها ما لم تقبض عده وعده بها فان وفي حمد وان لم يوف بما وعد ولم يوهب بما سلم لم يقض عليه بشيء
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»