باب تأويل قول الله عز وجل (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) الآية.
ذكر الأستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر رحمه الله في تفسيره عن ابن عباس أنه قال: إنما يقولون هذا لأن الله رفع عنهم العذاب فيما بين النفختين، فنسوا عذابهم وظنوا أنهم كانوا نياما، فإذا خرجوا من قبورهم قالوا: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا أي من منامنا، قالت لهم الملائكة: هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون.
وعن قتادة قال: خفف عنهم العذاب أربعين سنة.
217 - أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإمام رحمه الله ابنا عبد الخالق بن الحسن السقطي، ثنا عبد الله بن ثابت، أخبرني أبي، عن الهذيل عن مقاتل بن سليمان عن من روى تفسيره عنه من التابعين في قوله: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا، وذلك أن أرواح الكفار كانوا يعرضون على منازلهم من النار طرفي النهار، فلما كان بين النفختين رفع عنهم العذاب، فرقدت تلك الأرواح بين النفختين. فلما بعثوا في النفخة الأخرى وعاينوا في يوم القيامة ما كانوا يكذبون به في الدنيا من البعث والحساب، دعوا بالويل فقالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا، وفي قراءة ابن مسعود من ميتتنا، قالت لهم حفظتهم من الملائكة: هذا ما وعد الرحمن على ألسنة الرسل، أنه يبعثكم بعد الموت، فكذبتم به، وصدق المرسلون بأن البعث حق.
وقال في قوله: ونفخ في الصور، وهو القرن، فصعق يعني مات، من في السماوات ومن في الأرض من الحيوان من شدة الصوت والفزع، ثم استثنى إلا من شاء الله فاستثنى جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم يأمر ملك الموت أن يقبض روح ميكائيل ثم روح جبريل ثم روح إسرافيل، ثم يأمر ملك الموت فيموت، ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى في البرزخ أربعين سنة، ثم تكون النفخة الأخرى فيحيى الله إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية، فذلك قوله: (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به في الدنيا،.