بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المصحح الحمد لله الذي أسبغ علينا النعمة، ورضي لنا الاسلام دينا وجعلنا خير أمة، وأنزل الكتاب هدى للناس ورحمة، وبعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والمحكمة، والصلاة والسلام على نبيه وصفيه محمد الذي من الله به علينا منة أي منة، وعلى آله الأطهار وأصحابه البررة الحفظة للقرآن والسنة.
وبعد، فان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين الذين سمعوا أقوال النبي عليه الصلاة والسلام وشهدوا أفعاله وأحواله إذا أشكل عليهم فهم آية واختلفوا في تفسيرها أو حكم من أحكامها رجعوا إلى الأحاديث لاستيضاحها. فالحديث النبوي تفصيل للكتاب العزيز وأصل للشريعة الاسلامية. فما زال هذا العلم - كما قال في كشف الظنون (1) - من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أشرف العلوم وأجلها لدى الصحابة والتابعين خلفا بعد سلف لا يشرف بينهم أحد بعد حفظ كتاب الله سبحانه وتعالى إلا بقدر ما يحفظ منه ولا يعظم في النفوس إلا بحسب ما يسمع من الحديث عنه. فتوفرت الرغبات في تعلمه وانبعثت العزائم إلى تحصيله حتى أن كان أحدهم يرحل المراحل ويقطع الفيافي ويجاوز المفاوز ويجوب البلاد شرقا وغربا في طلب حديث واحد (2).
وكان اعتمادهم أولا على الحفظ والضبط في القلوب غير ملتفتين إلى ما يكتبونه محافظة على هذا العلم كحفظهم كتاب الله سبحانه وتعالى فلما انتشر الاسلام واتسعت